نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1745
الحرص على مراعاة التورع في الفتيا ما أمكن
ـ[أم محمد]ــــــــ[01 - 11 - 2009, 08:49 م]ـ
البسملة1
قال الشيخ حسين آل الشيخ في كتابه: " الأصول العامة والقواعد الجامعة للفتاوى الشرعية ":
القاعدة الثالثة:
الحرص على مراعاة التورع عن الفتيا ما أمكن
مِن القواعد المهمة في الفتيا: الحرص على مراعاة التورع عن الفتيا ما أمكن؛ لأن الفتوى أمرها عظيم، وخطرها كبير، وقد تواترت أقوال السلف من الصحابة والتابعين على تقرير هذه القاعدة وتأكيدها، فعن عبد الله بن مسعود، وابن عباس -رضِي الله عنهما- قالا: من أفتى الناس في كل ما يستفتونه؛ فهو مجنون.
وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: إذا سئلتم عما لا تعلمون فاهربوا. قال: وكيف الهرب -يا أمير المؤمنين-؟ قال: تقولون: الله أعلم.
وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال لابن مسعود -رضي الله عنه-: ألم أنبأ، أو أنبئتُ أنك تفتي، ولستَ بأمير؟! ولِّ حارَّها مَن تولَّى قارَّها.
وعن ابن عباس-رضِي الله عنهما- قال: إذا أغفل العالِم " لا أدري "؛ أصيبتْ مقاتله.
وقال الزهري: عن خالد بن أسلم -وهو أخو زيد بن أسلم-: خرجنا مع ابن عمر نمشي، فلحقنا أعرابي، فقال: أنت عبد الله بن عمر؟ قال: نعم. قال: سألتُ عنك؛ فدُللتُ عليك؛ فأخبرني: أتَرِث العمة؟ قال: لا أدري. قال: أنت لا تدري؟!! قال: نعم، اذهب إلى العلماء بالمدينة؛ فاسألهم. فلما أدبر، قبَّل يديْه، وقال: نعم، ما قال أبو عبد الرحمن: سئل عما لا يدري؛ فقال: لا أدري.
وعن عقبة بن مسلم قال: صحبتُ عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أربعة وثلاثين شهرًا؛ فكثيرًا ما كان يُسأل فيقول: لا أدري، ثم يلتفت إلي، فيقول: تدري ما يريد هؤلاء؟ يريدون أن يجعلوا ظهورَنا جسرًا لهم إلى جهنم.
وعن عبيد بن جريج قال: كنتُ أجلس بمكةَ إلى ابن عمر يومًا، فما يقول ابن عمر فيما يُسأل: " لا عِلمَ لي " أكثر مما يفتي به.
وأقوال التابعين في تقرير هذه القاعدة أكثر من أن تحصَر، نذكر منها ما يلي:
1_ قال عطاء -رحمه الله-: أدركتُ أقوامًا؛ إن كان أحدُهم لَيُسأل عن الشيء؛ فيتلكم، وإنه ليرعد.
2_ قال ابن أبي ليلى -رحمه الله-: أدركتُ عشرين ومائة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما كان منهم محدِّث إلا ودَّ أن أخاه كفاه الحديث، ولا مُفتٍ إلا ودَّ أن أخاه كفاه الفتيا، يُسأل أحدُهم عن المسألة؛ فيردها إلى هذا وهذا إلى هذا، حتى ترجع إلى الأول.
3_ كان ابن المسيب -رحمه الله- لا يكاد يفتي إلا قال: اللهم سلمني وسلم مني.
4_ عن محمد بن سيرين -رحمه الله- أنه كان لا يُفتي في الفرْج بشيء فيه اختلاف.
5_ وقال سفيان الثوري -رحمه الله-: ليتني لم أكتب العلم، وليتني أنجو مِن علمي كفافًا لا عليَّ ولا لي.
وقال: لو لم أعلم؛ لكان أقل لحزني.
وقال: أدركتُ الفقهاء وهم يكرهون أن يجيبوا في المسائل والفتيا حتى لا يجدوا بدًّا من أن يُفتوا، وقال: أعلم الناس بالفتيا؛ أسكتُهم عنها، وأجهلُهم بها؛ أنطقُهم.
6_ وعن عبد الملك بن أبي سليمان -رحمه الله- قال: سُئِل سعيد بن جبير عن شيء، فقال: لا أعلم. ثم قال: ويلٌ للذي يقولُ لِما لا يعلم: إني أعلم.
7_ وعن أيوب السختياني، وسفيان بن عيينة -رحمهما الله- قالا: أجسرُ الناس على الفُتيا؛ أقلُّهم عِلمًا باختلاف العلماء، وأمْسَكُ الناس عن الفُتيا؛ أعلمُهم باختلافِ العلماء.
8_ سُئِل الشعبي -رحمه الله- عن مسألةٍ فقال: لا أدري. فقيل له: ألا تستحي من قولك: (لا أدري) وأنتَ فقيهُ أهل العراق؟!! فقال: لكن الملائكة لم تستحي حين {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 32].
9_ وعن إدريسَ: عن عمِّه -رحمهما الله- قال: خرجتُ مِن عند إبراهيم فاستقبلني حمَّاد فحمَّلني ثمانيةَ أبواب مسائل، فسألته؛ فأجابني عن أربع، وترك أربعًا.
وعن منصور وزبيد -رحمهما الله- قالا: ما سألنا إبراهيم عن شيء؛ إلا عَرَفْنا الكراهيةَ في وجهه.
10_ رُوي عن سحنون بن سعيد -رحمه الله- أنه قيل له: إنك لَتُسألُ عن المسألة لو سُئل عنها أحدٌ من أصحابِك؛ لأجاب فيها، فتترجح فيها وتتوقَّف؟! فقال: إن فتنة الجواب بالصواب؛ أشدُّ من فتنة المال.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1745