responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1675
[133] فانظر إليهم قد غلوا وزادوا
بالشيد والآجر والأحجارِ
ورفعوا بناءها وشادوا
لاسيما فى هذه الأعصارِ

(فانظر) أيها المؤمن (إليهم) وإلى أعمالهم (قد غلوا) فى أهل القبور الغلو المفرط الذى نهاهم الله تعالى ورسوله ? عنه (وزادوا) عما حذرهم عنه الرسل (ورفعوا بناءها) أى بناء القبور المنهى عن مجرده قليله وكثيره (وشادوا) أى ضربوه (بالشيد) وهو الجص (والآجر) اللبن المحرق (والأحجار) المنقشة المزخرفة (لا سيما) بزيادة (فى هذه الأعصار) القريبة بعد ظهور دولة العبيدين الذين قال فيهم أهلُ العلم: ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض، فاعتنوا ببناء القباب على القبور وزخرفتها وتشييدها وجعلها مشاهد، وندبوا الناس إلى زيارتها وأتوا بذلك باسم محبة أهل البيت.
[134]
[135]
[136]
[137] وللقناديل عليها أوقدوا
ونصبوا الأعلام والرايات
بل نحروا فى سوحها النحائر
والتمسوا الحاجات من موتاهم
وكم لواء فوقها قد عقدوا
وافتتنوا بالأعظم الرفات
فعل أولى التسييب والبحائز
واتخذوا إلههم هواهم

(والتمسوا الحاجات) التى لا يقدر عليها إلا الله عز وجل (من موتاهم) من جلب الخير ودفع الشر (واتخذوا إلههم هواهم) وهذا هو السبب فى عبادة غير الله بل فى جميع معاصى الله، وهو الذى كلما هوى أمراً أتاه، ولم يأتهم الشيطان من غير باب الهوى ولم يصطد أحداً بغير شبكته؛ لأن الهوى يُعمى عن الحق، ويضل عن السبيل أتباعه، وهو سبب الشقاوة.
[138]
[139] قد صادهم إبليس فى فخاخه
يدعو إلى عبادة الأوثانِ
بل بعضهم قد صار من أفراخه
بالمال والنفس وباللسانِ

(قد صادهم إبليس فى فخاخه) التى نصبها لهم كما نصبها لمن قبلهم من تزيين المعاصى وتصويرها فى صورة الطاعات، فأول ما زين لقوم نوح العكوف على صور صالحيهم ليتذكروا عبادتهم الله تعالى فيقتفوا أثرهم فيها.
(بل بعضهم قد صار من أفراخه) المساعدين له الداعين إلى ما دعا إليه حزبه ليكونوا من أصحاب السعير (يدعو إلى عبادة الأوثان) من القبور وغيرها (بالمال والنفس واللسان) وليس هذا خاصاً بقبور الصالحين الذين عرفوا فى الدنيا بالأمانة والديانة، بل أى قبر تمثل فيه الشيطان أو حكيت له حكاية أو رئيت له رؤيا صدقا كانت أو كذباً فقد استحق عندهم أن يبنى عليه القباب ويعكف عنده وينذر له، ويذبح عليه، ويستشفى به المرضى، ويستنزل به الغيث، ويستغاث به فى الشدائد، ويسأل منه قضاء الحوائج، ويُخاف، ويُرجى، ويتخذ ندا من دون الله عز.

الفصل الثامن
بيان حقيقة السحر وحكم الساحر
وذكر عقوبة من صدَّق كاهنا
أى [بيان] ما عليه من العقوبة شرعاً، وأن منه، أى من السحر علم التنجيم؛ وهو النظر فى النجوم الآتى بيانه، وذكر عقوبة من صدق كاهناً بقلبه؛ ويعنى عقوبته الوعيدية.
والبحث فى هذا الفصل فى أمور:
(الأول): هل السحر حقيقة وقوعه ووجوده أم لا؟
(الثانى): أنواعه.
(الثالث): حكم متعلمه إن عمل به أو لم يعمل.
(الرابع): عقوبته شرعاً ووعيداً.
[بيان حقيقة السحر وتأثيره]
[140]
[141] والسحر حق وله تأثير
أعنى بذا التقدير ما قد قدره
لكن بما قدره القدير
فى الكون لا فى الشرعة المطهره

هذا هو البحث الأول فى حقيقته وتأثيره.
(والسحر حق) يعنى متحقق وقوعه ووجوده، ولو لم يكن موجوداً حقيقة لم ترد النواهى عنه فى الشرع، والوعيد على فاعله، والعقوبات الدينية والأخروية على متعاطيه والاستعاذة منه أمراً وخبراً.
وقد أخبر الله تعالى أنه كان موجوداً فى زمن فرعون وأنه أراد أن يعارض به معجزات نبى الله موسى عليه السلام فى العصا بعد أن رماه هو وقومه به بقولهم: ?إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ? -إلى قوله- ?يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ? [الشعراء: 34 - 37].
(وله تأثير) فمنه ما يمرض، ومنه ما يقتل ومنه ما يأخذ بالعقول، ومنه ما يأخذ بالأبصار، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه، (لكن) تأثيره ذلك إنما هو (بما قدره القدير) سبحانه وتعالى، أى بما قضاه وقدره وخلقه عندما يلقى الساحر ما ألقى، ولذا قلنا (أعنى بذا التقدير) فى قوله بما قدره القدير (ما قد قدره فى الكون) وشاءه (لا) أنه أمر به (فى الشرعة) التى أرسل الله بها رسله وأنزل بها كتبه (المطهرة)، من ذلك وغيره، كما تقدم أن القضاء والأمر والحكم والإرادة كل منها ينقسم إلى كونى وشرعى، فالكونى يشمل ما يرضاه الله ويحبه شرعاً، وما لا
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1675
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست