نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1642
4 - مجادلة أهل الكتاب وبيان ضلال عقائدهم.
تنبيه: أن بعض الخصائص السابقة خصائص غالبية كالضوابط , إذ لا يعنى حينما قال: أن القسم المكي إمتاز بتقرير أسس العقيدة فلا يعني ذلك أن القسم المدني يخلو من الحديث عن العقيدة , وإنما تعني هذه الخاصية أنها في القسم المكي أوسع منها في المدني.
فوائد معرفة المكي والمدني من القرآن
أولاً: تمييز الناسخ من المنسوخ:
كثير ما يسمع المسلم في المساجد أو في التلفاز كلمة أنه ناسخ أو هذه منسوخة , وتدور داخله تساؤلات قلما يبوح بها فيقبلها علي مضض لاغياً عقله ويحيلها لقلبه لكيلا يضل أو يشقي.
…والنسخ: هو إبطال العمل بالحكم الشرعي بدليل أتي بعده لاحقاً فدل علي إبطاله صراحة أو ضمناً, جزئياً أم كلياً , بمعني أوضح أنه إذا وردت آيتان أو آيات من القرآن الكريم في موضع واحد وكان الحكم في إحدي هاتين الآيتين أو الآيات مخالفاً للحكم في غيرها ثم عرف أن بعضها مدني وبعضها مكي فإننا نحكم بأن المدني منها ناسخ للمكي نظراً إلي تأخر المدني عن المكي.
…حكمة النسخ: تحقيق مصالح العباد , لأن الحكم قد يشرع لتحقيق مصالح إقتضتها أسباب فلما زالت هذه الأسباب فلا مصلحة في بقاء الحكم , مثل ما حدث في تحريم الخمر وما أقتضاه التشريع من تدرج وتعديل وتبديل حتي تهيئ المجتمع لذلك فأمر بتحريمها.
…والنسخ أنواع نذكره في عجاله ومن أراد المزيد فعليه بالإطلاع علي كتب أصول الفقه:
1 – النسخ الصريح: أن ينص الشارع صراحة في التشريع اللاحق علي إبطال التشريع السابق , ومثال ذلك قوله تعالي: (يا أيها النبي حرض المؤمنين علي القتال إن يكن منكم ........... الآية) وقول الرسول صلي الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الحياة الآخرة)
2 – النسخ الضمني: لا ينص فيه الشارع صراحة , ولكن يشرع حكماً معارضاً حكمه السابق , ولا يمكن التوفيق بين الحكمين إلا بإلغاء إحداهما , فيعتبر اللاحق ناسخاً للسابق ضمناً. وهذا النسخ الضمني هو الكثير في التشريع الإلهي , مثل قوله تعالي: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خير الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف) يدل ذلك علي أن المالك إذا حضرته الوفاة عليه أن يوصي لوالديه وأقاربه من تركته بالمعروف , وقوله تعالي في أية التوريث: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين .......... الآية) يدل علي أن الله قسم تركة كل مالك بين ورثته حسبما اقتضت حكمته , ولم يعد التقسيم حقاً للمورث نفسه وهذا الحكم يعارض الأول , فهو ناسخٌ له علي رأى الجمهور , ولذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم بعد ما نزلت آية المواريث:" إن الله أعطى لكل ذى حق حقه , فلا وصية لوارث ".
3 - النسخ الكلي: أن يبطل الشارع حكماً شرعه من قبل إبطالاً كلياً بالنسبة إلي كل فرد من أفراد المكلفين , كما أبطل إيجاب الوصية للوالدين والأقربين بتشريع أحكام التوريث ومنع الوصية للوارث , وكما أبطل إعتداد المتوفي عنها زوجها حولاً بإعتدادها أربعة أشهر وعشراً.
4 – النسخ الجزئي: أن يشرع الحكم عاماً شاملاً كل فرد من أفراد المكلفين ثم يلغي هذا الحكم بالنسبة لبعض الأفراد , فهو لا يبطل العمل بالحكم الأول أصلاً , ولكن يبطله بالنسبة لبعض الأفراد أو بعض الحالات , مثال ذلك بقوله تعالي: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا ......... الآية) يدل علي أن قاذف المحصنة الذي لم يقم ببينة علي ما قذف فأجلدوهم ثمانين جلدة , سواء كان زوجها أم غيرة , وقوله تعالي: (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء ........ الآية) يدل علي أن القاذف إذا كان الزوج لا يجلد بل يتلاعن وزوجته ... فالنص الثاني نسخ حكم جلد القذف بالنسبة إلي الأزواج فقط , والأصوليين لا يعتبرون هذا نسخاً بقدر ما يعتبرونه تخصيص العام أو تقييد المطلق بمعني إخراج بعض أفراد العام من حكمه فهو إستثناء وليس نسخاً.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1642