نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1634
وقال الزجاج: قيل الليل غاسق لأنه أبرد من النهار. والغاسق: البارد. والغَسَق: البرد¹ ولأن في الليل تخرج السّباع من آجامها, والهوام من أماكنها, وينبعث أهل الشر على العيث والفساد. وقيل: الغاسق: الثّريّا¹ وذلك أنها إذا سقطت كثرت الأسقام والطواعين, وإذا طلعت ارتفع ذلك¹ قاله عبد الرحمن بن زيد. وقيل: هو الشمس إذا غربت¹ قاله ابن شهاب. وقيل: هو القمر. قال القُتَبِيّ: {إِذَا وَقَبَ} القمر: إذا دخل في ساهوره, وهو كالغلاف له, وذلك إذا خُسِفَ به. وكل شيء أسود فهو غَسَق. وقال قتادة: «اِذا وَقَب» إذا غابَ. وهو أصح¹ لأن في الترمذيّ عن عائشة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر, فقال: «يا عائشة, استعيذي بالله من شر هذا, فإن هذا هو الغاسق إذا وَقَبَ». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وقال أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن الأعرابي في تأويل هذا الحديث: وذلك أن أهل الريبَ يَتَحينون وَجبة القمر. وأنشد:
أراحنِي اللهُ مِن أشياءَ أكرهُهامنها العجوزُ ومنها الكلبُ والقمرُ
هذا يبوحُ وهذا يُستضاء بِهوهذه ضِمْرِزٌ قَوّامَةُ السّحَرِ
وقيل: الغاسق: الحية إذا لدغت. وكأن الغاسق نابُها¹ لأن السم يغسق منه¹ أي يسيل. ووقب نابها: إذا دخل في اللدِيغ. وقيل: الغاسق: كل هاجم يضر, كائناً ما كان¹ من قولهم: غسقتِ القرحة: إذا جرى صديدُها.
السادسة: قوله تعالى: {وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} يعني الساحرات اللائي ينفُثْن في عُقَد الخيط حين يَرْقِي عليها. شبه النفخ كما يعمل من يرقِين. قال الشاعر:
أعُوذُ بِربّي مِن النّافِثَاتِ في عِضهِ العاضِهِ المُعْضِه
وقال مُتَمّم بن نُوَيْرة:
نَفَثْتَ في الخيطِ شَبِيهَ الرّقَىمِن خشية الجِنةِ والحاسِدِ
وقال عنترة:
فإنْ يَبْرَاْ فلَمْ أنْفُثْ عَليْهِوإنْ يُفْقَدْ فَحُق لَهُ الفُقُودُ
السابعة: روى النّسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عَقَد عُقدة ثم نَفَثَ فيها, فقد سَحَر, ومن سحر فقد أشْرَك, ومَنْ تَعَلّق شيئاً وُكِل إليه». واختلِف في النفْث عند الرّقَى, فمنعه قوم, وأجازه آخرون. قال عكرمة: لا ينبغي للراقي أن ينفُث, ولا يمسح ولا يعقِد. قال إبراهيم: كانوا يكرهون النفث في الرّقَى. وقال بعضهم: دخلت على الضحاك وهو وجِع, فقلت: ألا اُعَوّذَك يا أبا محمد؟ قال: بلى, ولكن لا تنفث¹ فعوّذته بالمعوذتين. وقال ابن جريج قلت لعطاء: القرآن يُنفَخ به أو يُنْفَثُ؟ قال: لا شيء من ذلك ولكن تقرؤه هكذا. ثم قال بعد: انفُثِ إن شئت. وسئل محمد بن سِيرين عن الرّقية يُنْفث فيها, فقال: لا أعلم بها بأساً, وإذا اختلفوا فالحاكم بينهم السنة. روت عائشة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان ينفِث في الرّقية¹ رواه الأئمة, وقد ذكرناه أوّل السورة وفي (سُبْحان). وعن محمد بن حاطب أن يده احترقت فأتت به أمّه النبيّ صلى الله عليه وسلم, فجعل ينفُث عليها ويتكلم بكلام¹ زعم أنه لم يحفظه. وقال محمد بن الأشعث: ذُهِب بي إلى عائشة رضي الله عنها وفي عينيّ سوء, فرقَتْنِي ونَفَثَت.
وأما ما رُوي عن عكرمة من قوله: لا ينبغي للراقي أن ينفُث¹ فكأنه ذهب فيه إلى أن الله تعالى جعل النفْث في العُقَد مما يستعاذ به, فلا يكون بنفسه عُوذة. وليس هذا هكذا¹ لأن النفث في العُقَد إذا كان مذموماً لم يجب أن يكون النفث بلا عُقد مذموماً. ولأن النفث في العُقَد إنما أريد به السحر المضِرّ بالأرواح, وهذا النفث لاستصلاح الأبدان, فلا يقاس ما ينفع بما يضر. وأما كراهة عكرمة المسحَ فخلاف السنة. قال علي رضي الله عنه: اشتكيت, فدخل عليّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأنا أقول: اللهمّ إنْ كان أجلي قد حَضَرَ فأرِحنِي, وإن كان متأخراً فاشفني وعافني, وإن كان بلاء فصبرني. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «كيف قلت»؟ فقلت له. فَمَسحني بيده, ثم قال: «اللهم اشْفِه» فما عاد ذلك الوجع بعد. وقرأ عبد الله بن عمرو وعبد الرحمن بن سابط وعيسى بن عمر ورويس عن يعقوب «ومِن شر النافِثاتِ» في وزن (فاعلات). ورُوِيت عن عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. وروي أن نساء سحرن النبيّ صلى الله عليه وسلم في إحدى عشرة عقدة¹ فأنزل الله المعوذتين إحدى عشرة آية. قال ابن زيد: كنّ من اليهود¹ يعني السواحر المذكورات. وقيل: هنّ
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1634