نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1621
لم أجد له استدلالا، واستدل له بعض المعاصرين: بأن تقدم الحظر على الأمر يضعف قوة الطلب في صيغة الأمر، فتجعلها تدل على الندب بدلا من الوجوب.
ويجاب عنه: بأن هذا استدلال بمحل النزاع (مصادرة على المطلوب)، وهو غير مقبول في البحث والمناظرة.
القول الثالث: أن الأمر بعد الحظر للإباحة، وبهذا قال بعض المالكية، بل نسبه القاضي عبد الوهاب رحمه الله إلى الإمام مالك وأصحابه، وهو مذهب بعض الشافعية، وذكر الشيرازي رحمه الله أنه ظاهر قول الإمام الشافعي، وبه قال جمهور الحنابلة.
[انظر: الإشارة للباجي ص 140، شرح التنقيح للقرافي ص 140، التبصرة للشيرازي ص 38، القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام (2/ 576)].
أدلتهم:
1 - الاستقراء: فكل أمر بعد حظر وارد في الشرع فهو للإباحة، كقوله تعالى:" وإذا حللتم فاصطادوا "، وقوله: ژفإذا قضيتم الصلاة فانتشرواژ، وقوله: ژ? ? ? ? ? ? ??ژ، فدل على أن هذا هو مقتضى الصيغة.
وأجيب بأجوبة:
أ-لا يسلم أن قوله: ژ? ? ? ? ? ? ? ژ للإباحة.
ب- أنه قد وردت الصيغة والمراد بها الوجوب، وذلك في قوله تعالى: ژفاقتلوا المشركين ژ.
ج-أن هذه الأوامر حملت على الإباحة بدلالات دلت عليها، وهذا لا يدل على أن ذلك مقتضاها، ألا ترى أن أكثر ألفاظ العموم في الشرع محمولة على الخصوص، ثم لا يدل على أن مقتضاها الخصوص، فكذلك هاهنا.
د- أن القواعد الأصولية لا ينظر في تقريرها إلى الفروع الفقهية، وذلك لأن القواعد سابقة على الفروع في الوجود، والفروع لاحقة لها، وما كان كذلك فلا يصلح لأن يكون دليلا.
2 - لبعضهم، وهو قريب من السابق:
أن استعمال الشارع للأمر بعد الحظر غالبا ما يكون للإباحة، ونادرا ما يكون لغيرها، والغالب كالأصل بالنسبة لغيره، وإذا كان كذلك كان هو المتبادر إلى الذهن عند الإطلاق، والتبادر أمارة الحقيقة، والقاعدة في الأصول: [يجب حمل الألفاظ على الحقيقة، ولا يجوز العدول عنها إلا بدليل].
وأجيب: بأن غلبة الاستعمال في الإباحة لا يدل على الحقيقة فيها، لأن حمله عليها في أكثر المواضع لأدلة من جهة الشرع.
3 - أن الأشياء في الأصل على الإباحة، فإذا ورد الأمر بعد الحظر، ارتفع الحظر، وعاد الفعل إلى الأصل، وهو الإباحة.
وأجيب بأجوبة:
أ-أن قولهم: "الأشياء في الأصل على الإباحة" غير مسلم به، فقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال: الحظر، والإباحة، والتوقف، ومن ثم لابد من تثبيت هذا الأصل.
ب- أن هذا يبطل بما إذا قال بعد الحظر: أوجبت، فإنه يحمل على الوجوب اتفاقا.
ج- أنه لو جاز أن يقال هذا في الأمر بعد الحظر، لجاز أن يقال نظيره في النهي بعد الأمر، فلما لم يجز هذا في النهي بعد الأمر، لم يجز في الأمر بعد النهي.
د- أن هذا استدلال بمحل النزاع (مصادرة على المطلوب)، وهو غير مقبول في البحث والمناظرة.
4 - أن الأمر المطلق -أي المتجرد عن القرائن- هو الدليل على الوجوب، وتقدم الحظر قرينة دالة على إرادة رفع الجناح أي:الإباحة، يدل عليه: أن السيد من العرب إذا منع عبده من فعل شيء، ثم قال له: افعله، كان ذلك دليلا على ظهور إرادة الإباحة.
وأجيب عنه بأجوبة:
أ-لا يسلم ما ذكروه، بل الظاهر أنه أراد الإيجاب؛ وذلك لأمور:
- أن القرينة من حيث الصياغة الصرفية فعيلة بمعنى مفعولة أي مقرونة، والحظر المتقدم ليس له اتصال بالأمر المتأخر، فكيف يجعل قرينة فيه؟!.
- أن القرينة ما يبين معنى اللفظ ويفسره، وذلك إنما يكون بما يوافق اللفظ ويماثله، لا بما يخالفه ويضاده، والنهي ضد الأمر، فلا يجوز أن يجعل قرينة له.
ونوقش هذا من وجهين:
الوجه الأول: أنه لا يلزم في القرينة أن تكون مماثلة لمعنى اللفظ الُمبيَن، فالاستثناء مخالف للإثبات، وهو مبيِنٌ له، وكذلك الحال بالنسبة للمخصصات مع العموم.
الوجه الثاني: أن القرينة هنا ليست هي النهي بل النهي المتقدم على الأمر، وذلك غير مخالف للأمر ولا مضاد له.
-أن لفظ الأمر موضوع للإيجاب، والمقاصد والإرادات إنما تعلم بالألفاظ.
ب-أنه لو كان الحظر دليلا على الإباحة لاستحال أن يأتي بعد الحظر غير الإباحة، ولكن يجوز أن يأتي بعد الحظر ما يقتضي الإيجاب كما لو صرح به فقال: أوجبت أو فرضت.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1621