نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1593
قال الكيا الهراسي الشافعي -رحمه الله- في أحكام القرآن (1/ 142): "وروي عن محمد بن كعب القرظي أنه كان لا يرى بذلك بأسا، ويتأول فيه قول الله عز وجل: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ)، وقال: فتقديره تتركون مثل ذلك من أزواجكم، ولو لم يبح مثل ذلك من الأزواج لما صح ذلك، وليس المباح من الموضع الآخر مثلا له، حتى يقال: تفعلون ذلك وتتركون مثله من المباح ".
وأجيب عن هذا الاستدلال بجوابين:
- أن تقدير (مثل) تأويل لادليل عليه، والقاعدة في الأصول: [لا يجوز التأويل إلا بدليل]، وما ذكروه لا يصلح أن يكون دليلا،
إذ التوبيخ يصح على معنى: وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم مما فيه تسكين شهوتكم، ولذة الوقاع حاصلة بهما جميعا،
بل هي أبلغ حصولاً في إتيان الزوجة في قبلها.
انظر: أحكام القرآن للكيا الهراسي رحمه الله (1/ 142).
-أن هذا ثابت في شرع من قبلنا، والقاعدة في الأصول: [أن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا].
وإذا تقرر ذلك، فلا يصح الاحتجاج بهذه الآية على الإباحة.
4 - ما أخرجه الإمام النسائي -رحمه الله- في السنن الكبرى عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رجلا أتى امرأته في دبرها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد من ذلك وجدا شديدا، فأنزل الله تعالى:" نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ".
وتقدم الإشارة إلى وجه الاستدلال به والإجابة عن ذلك فلا حاجة لإعادته.
وبناء على ما سبق فالراجح في المسألة قول الجمهور.
فائدة:
قال موفق الدين ابن قدامة -رحمه الله- في المغني (8/ 132): "ولا بأس بالتلذذ بها بين الأليتين من غير إيلاج؛ لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر، فهو مخصوص بذلك، ولأنه حرم لأجل الأذى، وذلك مخصوص بالدبر فاختص التحريم به".
.................................................. ...................................
المسألة الثامنة:
استدل بالآية على تحريم اللواط (إِتْيَانُ الذَّكَرِ الذَّكَرَ) [انظر: الحاوي للماوردي (13/ 222)]، وقد أجمعت الأمة على تحريم ذلك، وأنه كبيرة من كبائر الذنوب، [انظر: مراتب الإجماع لابن حزم ص131، والمغني لابن قدامة (9/ 31)]، أما مأخذ التحريم فعلى الوجه الذي تقدم، وأما مأخذ كون إتيان الذكر كذلك فبالقياس على إتيان المرأة حال الحيض بجامع الأذى، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن القياس بالعلة المنصوصة حجة في إثبات الأحكام]، وأثبت بعضهم التحريم من جهة قياس الأولى، وهو ضرب من قياس العلة، وتقريره: إذا حرُم إتيان المرأة في فرجها حال الحيض لأجل الأذى، فلأن يحرم إتيان الذكر في دبره من باب أولى، وذلك لأن الأذى في ذلك المحل أفحش وأذم، والقاعدة في الأصول: [أن قياس الأولى حجة في إثبات الأحكام].
قال صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود البخاري -رحمه الله- في التوضيح (1/ 33): "أَمَّا الْقِيَاسُ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ الْكِتَابِ فَكَقِيَاسَ حُرْمَةِ اللَّوْطَةِ عَلَى حُرْمَةِ الْوَطْءِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ الثَّابِتَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ژ ? ? ہ ہ ہ ہ ھھ ژ، وَالْعِلَّةُ هِيَ الْأَذَى".
وقد دل على تحريم اللواط أدلة أخرى، منها:
1 - قوله تعالى: ژأَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ ژ، مع قوله: ژقل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ژ.
وجه الاستدلال بالآيتين:
هذا دليل مركب من مقدمتين:
المقدمة الأولى: أن اللواط فاحشة، كما دلت على ذلك الآية الأولى، والدليل على أنه أراد بلفظ الفاحشة فيها اللواط، قوله بعدها: ژإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ژ.
المقدمة الثانية: أن الله عز وجل حرم عموم الفواحش، كما دلت على ذلك الآية الثانية، مأخذ التحريم من قوله: "حرم"، فالقاعدة في الأصول: [أن لفظ الحرام وما تصرف منه يدل على التحريم]، بل هو صريح فيه، ومأخذ العموم من قوله: "الفواحش": فهذا جمع دخلت عليه أل الجنسية، والقاعدة في الأصول: [أن أل الجنسية تفيد عموم مدخُولِها].
النتيجة: اللواط محرم.
2 - قوله تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذالِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَژ.
وجه الاستدلال بالآية:
أن الله عز وجل وصف من طلب التمتع بغير زوجته أو أمَتِه بأنه عادٍ أي مجاوز الحلالَ إلى الحرام، وهذا ذم منه سبحانه وتعالى لمن فعل ذلك، والقاعدة في الأصول: [أن ما ذم فاعله شرعاً فهو محرم].
[انظر: كتاب الإمام في بيان أدلة الأحكام للعز بن عبد السلام رحمه الله ص107].
قال الإمام أبوحيان الأندلسي -رحمه الله- في البحر المحيط (6/ 392): "ويشمل قوله:"وراء ذلك" الزنا، واللواط، ومواقعة البهائم، والاستمناء، ومعنى "وراء ذلك" وراء هذا الحد الذي حد من الأزواج ومملوكات النساء".
3 - ما أخرجه الترمذي في السنن بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر».
وجه الاستدلال بالخبر:
من قوله: «لا ينظر الله» فهذا وعيد على الفعل، والقاعدة في الأصول: [أن الوعيد على الفعل يقتضي تحريمه].
4 - ما أخرجه أحمد في المسند بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله من عمل عمَل قوم لوط».
وجه الاستدلال بالخبر:
من قوله: «لعن الله» فهذا وعيد على الفعل، والقاعدة في الأصول: [أن الوعيد على الفعل يقتضي تحريمه].
.................................................. ...................................
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1593