responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1507
وقال الآجريُّ -رحمهُ الله-: (إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- لم يَزد عائشة -رضِيَ اللهُ عَنْها- في قصة الإفك إلا شرفًا ونُبلًا وعِزًّا، وزاد مَن رماها من المنافقين ذُلًّا وخِزيًا، ووعظ مَن تكلَّم فيها -مِن غير المنافقين- مِن المؤمنين بأشد ما يكون مِن الموعظة، وحذَّرهم أن يَعودوا لمثلِ ما ظنُّوا مما لا يَحل الظنُّ فيه؛ فقال -عزَّ وجلَّ-: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ - يَعِظُكُمَ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}).

ذكر الإمامُ القاضي عياض: عن الإمامِ ابن شعبان -من أئمةِ المالِكيَّة المتقدِّمين- أنه قال: (مَن عادَ؛ فقد كَفَر)؛ {أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}؛ (فمَن عاد؛ فقد كفر).
فهؤلاء العادُون العائِدون الخائِضون بالكذب والمَين والزُّور والإفكِ المأفون؛ كافرون بِنصِّ كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل مِن بين يدَيه ولا مِن خلفه.

وسيأتينا -إذا بقي وقتٌ- شيء من كلام أئمةِ العلم في هذا.

ثم قال -والكلام للآجريِّ-: (ميِّزوا -رحمكُم اللهُ- مِن هذا الموضِع حتى تعلموا أنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- سبَّح نفسَه؛ تعظيمًا لِما رمَوها به، ووعظ المؤمنين موعظةً بليغة).

ثم قال: (سمعتُ أبا عبدِ الله ابن شاهين -رَحمهُ اللهُ- يقول: إنَّ الله -تَبارَكَ وتَعالَى- لم يَذكرْ أهلَ الكفر بما رَمَوه إلا سبَّح نفسَه) والتَّسبيح: هو التَّنزيه (تعظيمًا لِما رمَوهُ به؛ مثل قولِه -عزَّ وجلَّ-: {وَقالُوا اتَّخذَ الرَّحمنُ ولدًا سُبحانَهُ})؛ يُنزِّه اللهُ -تعالى- نفسَه عن أن يكون حالُه كما وصفه به هؤلاءِ الكُفار والمشركون.

قال: (فلما رُميت عائشةُ -رضيَ الله عنها- بِما رُميتْ به من الكذب؛ سَبَّح نفسَه تعظيمًا لذلك؛ فقال -عزَّ وجلَّ-: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}؛ فسبَّح نفسَه -عزَّ وجلَّ-؛ تعظيمًا لما رُميت به عائشةُ -رضي اللهُ-تعالى-عنها-).

قال -والكلامُ للإمام الآجريِّ-أيضًا-: (فوعظَ اللهُ المؤمنينَ موعظةً بليغةً، ثم قال اللهُ -عزَّ وجلَّ-: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}) نسأل اللهَ العافية.

(فأعلمَنا اللهُ -عزَّ وجلَّ- أنَّ عائشةَ -رضِيَ اللهُ عَنْها- لم يَضرَّها قولُ مَن رماها بالكذب، وليس هو بِشرٍّ لها؛ بل هو خيرٌ لها، وشرٌّ على مَن رماها).

وكذلك أقولُ -اليومَ-بعدَ ألفِ ألفِ يومٍ-: إنَّ هذا الذي قاءَه وقالَه ذلك النَّاعِقُ الخاسرُ الخاسِئ الخبيثُ -مِن هنا، أو هناك، أو هنالك-؛ ليس هو شرًّا لنا؛ بل هو شرٌّ له، وليس هو خيرًا له؛ بل هو خيرٌ لنا في أنْ أعاننا اللهُ وكلَّ داعٍ مسلم، وصاحب علمٍ وسُنَّة أن يُذكِّر النَّاسَ؛ بل أن يُعلِّمهم فضائلَ هذه الصدِّيقةِ، ومآثرَها العظيمة، ومناقبَها الجليلةَ التي قد تكونُ خفِيتْ -أو نُسِيت- عن بعضِنا في غَمرةِ اعتقادِنا فيها ذلك الاعتقادَ العظيم المَبنيَّ على كتاب الله الكريم وسُنَّة النبي الأمين -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لذلك: نُكرِّر -اليوم- ما قالهُ اللهُ -ذلك اليوم-: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}.

قال الإمامُ الآجريُّ -يُشيرُ إلى قولِ مَن رماها بالكذب-، قال: (وهو عبد الله بنُ أُبيِّ بن سَلول وأصحابُه مِن المنافِقين، وإن كان قد مضَّها) أي: أزعَجها (وأقلقها، وتأذَّى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وغمَّه ذلك إذْ ذُكرتْ زوجتُه وهو لها مُحبٌّ مُكرِم، ولأبيها-رَضِيَ اللهُ عنْهُ-، فكلُّ هذه درجاتٌ لهم عند الله -عزَّ وجلَّ-) أي: هذا المضُّ، وهذا القلقُ، وهذا الغمُّ، وهذا الإيذاء (حتى أنزل الله -عزَّ وجلَّ- براءَتَها وحيًا يُتلى، وسرَّ اللهُ الكريمُ به قلبَ رسولِه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقلبَ عائشة وأبيها وأهلِها وجميع المؤمنين، وأثخنَ بهِ أعيُنَ المنافِقين -رضِيَ
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1507
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست