responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1505
يقولُ ابنُ أبي العزِّ الحنَفيُّ -أشهرُ شُرَّاح "الطَّحاويَّة"، وأفضلُهم، وأحسنُهم، وأصفاهُم، وأنقاهم-، يقول: (وإنَّما قال الشَّيخُ -رَحمهُ اللهُ-) يعني: الطَّحاوي ("فقد بَرِئَ مِن النِّفاق"؛ لأن أصل الرَّفض) يعني: التَّشيُّع المُبطِل (إنَّما أحدثهُ مُنافقٌ زِنديقٌ قَصْدُه إِبطالُ دين الإسلام، والقدحُ في الرَّسول -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-كما ذَكَر ذلك العلماءُ-. فإن عبدَ الله بن سبأ لما أظهرَ الإسلامَ) وهو يهوديٌّ، مُنافق، اندسَّ متستِّرًا ليفسِدَ الدِّينَ من داخلِه (فإنَّ عبدَ الله بن سبأ لما أظهرَ الإسلامَ أرادَ أن يُفسدَه بِمكرِه وخُبثِه -كما فعل بولس بدِين النَّصرانيَّة-، فأظهر التَّنسُّك) يعني: ابنَ سبأ (ثم لما قَدِم على الكوفة أظهر الغُلوَّ في عليٍّ والنَّصرَ له؛ ليتمكَّن -بذلك- مِن أغراضه) وما هي أغراضُه؟ إفسادُ الدِّين بهذا الغُلو المُشين، وبهذا الفساد المُستبين، الذي يُريد به -ومِن ورائه- تَغييرَ صَفاء الإسلام، ونقاءِ الشَّريعة، وبقاء الملَّة، المبنيُّ ذلك -كلُّه- على كتاب الله وسُنَّة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليجعله قائمًا على الغُلو -وهو الذي قال فيه رسولُ الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-مُخاطبًا الصَّحابة، مخاطبًا مَن بعدَ الصَّحابةِ فيهم: "إيَّاكم والغلوَّ في الدِّين؛ فإنَّما أهلك مَن كان قبلكم غُلوُّهم في دينهم"-.

قال: (وبلغ ذلك عليًّا) بلغَ خبرُ ابنِ سبأ عليَّ بن أبي طالبٍ -رَضِيَ اللهُ عنْهُ- (فطلب قَتْلَه؛ فهرب). . حتى علي-رَضِيَ اللهُ عنْهُ- الذي هو زوجُ ابنةِ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ووالدُ حفيدَيْه سَيِّديْ شباب أهل الجنَّة -الحسن والحُسين-رضي اللهُ عنهما- لم يَرتضِ هذا الغُلو، ولم يَقبل هذا الدَّسَّ، ورفض هذا المكرَ الخبيث الذي لا تَزال الأمَّة تُعاني منه إلى هذه اللَّحظة، وإلى أن يشاء اللهُ بأن يُجتث هذا المكرُ الخبيث، وهذا الدَّنس المُفسِد الذي أهلك الحرثَ والنَّسل -دِيانةً واعتقادًا وواقِعًا وتاريخًا وحضارةً-، فليس منه إلا السُّوء، وليس فيه إلا السُّوء. . نعم.

وها هنا -أيها الإخوة- كلماتٌ جميلاتٌ للإمام الآجريِّ -رَحمهُ اللهُ-تَعالى-، وهي كلماتٌ في الباب الذي نحنُ فيه تَنزيهًا ودِفاعًا -مِن جهة-، وتوكيدًا وتثبيتًا -مِن جهةٍ أخرى- قلَّ مَن يَذكُرُها أو يتذكَّرُها أو يَتذاكرُ بها، كلماتٌ طيِّبات مِن عالِم ألَّف كتابًا مِن أعظم كتب العقيدة الإسلاميَّة؛ وهو كتاب "الشَّريعة" للإمامِ ابن الحُسين الآجري -رَحمهُ اللهُ-.

قال: (اعلَمُوا -رحِمَنا اللهُ وإياكم- أن عائشةَ -رضِيَ اللهُ عَنْها- وجميعَ أزواج رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَّهات المؤمنين، فضَّلهنَّ الله -عزَّ وجلَّ- برسولِه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) {وأزواجُه أمَّهاتُهم} (لم يَنلنَ هذا الفضلَ إلا بِفضيلةِ زَواج النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منهنَّ -رضيَ اللهُ عنهنَّ-).

قال: (أوَّلهنَّ: خديجة -رَضِيَ اللهُ عَنهَا-، وبعدها عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنهَا- شَرفُها عظيم، وخَطرُها جليل). . كلمة (خَطَر): مِن الألفاظ التي تُستعمل على وَجهَين: (خَطَر) بمعنى البلاء، و (خَطَر) بمعنى العلوِّ والمنزلة. ويُعرف ذلك بالسِّياق.

وإذْ ذَكَرَ الآجريُّ -رحمهُ الله- خديجةَ وعائشةَ -رضيَ اللهُ عنهُما-؛ فإنَّني مُورِدٌ كلمةً نفيسةً للإمامِ ابن قيِّم الجوزيَّة -رحمهُ اللهُ-تَعالى- ذَكر فيها أمَّهاتِنا -خديجةَ وعائشةَ-رضيَ اللهُ عنهُما-؛ فقال: (واختُلف في تفضيلِ خديجةَ على عائشةَ -رضيَ اللهُ عنهُما- على ثلاثةِ أقوالٍ، ثالثُها: الوقف)؛ يعني: هنالك قول أن عائشةَ أفضل. وهنالك قول: أنَّ خديجةَ أفضل. وهنالك قول بالوقْف؛ وهو أن يُقال: نتوقَّف في التَّفضيل. والتَّوقُّف في التَّفضيل لا يَلزمُ منهُ التَّوقُّف في الفضلِ؛ فالفضلُ ثابتٌ؛ لكنَّ الكلامَ في الأفضل -لا في فاضلٍ ومَفضولٍ، ولكن: في فاضلٍ وأفضل-.

¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1505
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست