نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1503
فَقد رَوَوا في مؤلَّفاتهم -الَّتي لا خِطامَ لها، ولا زِمام- أنَّ مَن كان مع النَّبيِّ كلُّهم ارتدُّوا إلا أربعةَ نفرٍ، أو ثمانية نفرٍ!! مع أنَّ الإمامَ أبا زرعة الرَّازي يقولُ: (تُوفِّي رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أكثرَ مِن مائة ألفِ صاحبٍ، شهِدوا معهُ حَجةَ الوداع -رَضِي اللهُ-تَعالى-عنهُم جَميعًا وأرضاهُم، وألحقَنا بهم في الصَّالِحين مِن عبادِه-مِن النَّبيِّين والصِّدِّيقين والشُّهداء وحَسُن أولئك رفيقًا-.
والعَجَب أن هذه الفئةَ المنتسِبةَ -زُورًا- إلى الإسلام تُناقض حتى أفكارَ اليهودِ والنَّصارى! فلو سُئل اليهود: مَن خير النَّاس في دينِكُم؟ لَقالوا: أصحابُ موسَى. ولو سُئل النَّصارى: مَن أفضل النَّاس في دينِكم؟ لقالوا: أصحابُ عيسى. وَلو سُئل هؤلاءِ: مَن شرُّ النَّاس؟ لَقالوا: أصحاب النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-! لا أقولُ يُخالفون الشَّرع -فقط-؛ بل يُخالفون الفطرةَ، ويخالفون العقل الصحيحَ السَّوِيَّ المبنيَّ على الأصول المستقيمة والقواعدِ السَّليمة.
وهذا -وحدَه- يجب أن يكون رادِعًا -مع التَّاريخ، ومع التَّجارب، ومع سائر الطُّرق العقليَّة التي يستعملُها الإنسان-كلُّ الإنسان- لمعرفة أنَّ ذلك الطَّريق الذي يُسمُّونه طريقَ التَّقريب بين المذاهب، وطريق التَّوحيد للفِرَق والأفكار؛ أنَّه طريقٌ مسدودٌ، وأنَّه طريق نهايتُه مُظلِمةٌ، وأنَّه نفَقٌ نهايتُه الويل والثُّبور وعظائمُ الأمور.
فهذا الحقُّ ليس به خفاءُ .. فدَعْني مِن بُنَيَّات الطريقِ
النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندما قالَ: "وَتفترقُ هذه الأمَّةُ إلى ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً؛ كلُّها في النَّار إلا واحدة"، قالوا: مَن هي -يا رسولَ الله-؟ فقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "هي الَّتي على مِثلِ ما أنَا عليهِ اليومَ وأصحابِي".
فهذا بابٌ يُغلق؛ لأن التَّاريخ يرفُضُه، والعقلَ يرفضُه، والشَّرع يَرفضُه، والواقع يرفُضُه؛ فهذه أسطوانةٌ مَشروخةٌ بِدعوى التَّقريب بين المذاهِب أو المِلل أو الأفكارِ -والعياذُ باللهِ-تباركَ وتَعالى-.
ومِن أعجب العَجَب -تَسلسُلًا مع تلكمُ النُّقطة السَّابقة التي ذكَرناها-: أنَّني ناقشتُ -قبلَ سَنواتٍ- واحِدًا مِن هؤلاءِ الَّذين يُؤيِّدون الشِّيعةَ الشَّنيعةَ، ويُوافِقون أفكارَها، ويُصَفِّقون لها، فقُلتُ لهُ: كيف تفعلُ ذلك وهذه عقائدُهم. . وهذا دينُهم. . وهذا منهجُهم. . وهذا طعنُهم. . وهذا سبُّهم. . وهذا كُفرُهم وتَكفيرُهم؟!! فقال -ولبِئسَ ما قالَ! - قال: (نحن نُؤيِّدهم سِياسيًّا ولا نؤيِّدهم عقائديًّا)!!
وهذه شُبهةٌ إبليسيَّة فاجِرة، وكذبةٌ شيطانيَّة كافِرة!
وما هذا إلا أسلوبٌ يُرادُ به الدُّخول على قُلوبِ عوامِّ أهلِ السُّنَّة؛ لِيَلِينوا ولِيَقبَلوا ما عند أولئك تحتَ شِعار التَّقِيَّة التي هي إظهار خلاف ما يُبطِلون، وهي -كما هو مَنصوصُ كُتبِهم- تِسعةُ أعشارِ دينِهم!! حتى قالَ قائلُهم: (التَّقِيَّة تِسعةُ أعشار دينِنا، ومَن لم يُؤمن بالتَّقيَّة؛ فليس منَّا)!!
لكن بعض النَّاعقين وبعض الفاجِرين المُضِلِّين المبطِلين أغراهُ الشَّيطان -أكثرَ وأكثر- لِيَفضح نفسَه -أكثرَ وأكثر-؛ فنزع قِناع التَّقِيَّة، ورجع إلى حالتِه الأُولى غير السَّويَّة؛ ليُعلن على الملأ بتكفيرِ الصَّحابة، وليقولَها في الصُّحف والمنتديات والفضائيَّات، ويُقيم عليها الاحتفالاتِ؛ ليتَّهمَ أم المؤمنين عائشةَ -رضِيَ اللهُ عَنْها- بما برَّأها الله منه -رضِيَ اللهُ عَنْها، وقاتل مُنتَقِصَها-.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1503