نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1487
ارمِ الجمَرات الثلاث في اليوم الثالث من العِيد -أيضًا- كما فعلتَ في اليوم الثاني منه.
والله -تعالى- يقول: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ...}:
فإذا أردتَ التعجُّل: فإن رميَ اليوم الثالث يَسقط عنك؛ فاخرُج مِن (مِنى) قبل غُروب اليوم الثاني من أيام التشريق؛ وإلا: وجبَ عليك المَبيت في (مِنى) ورميُ الجمرات الثلاث في اليوم الثالث من أيام التشريق -كما ورد عن ابن عمر-، وتكون بِفعلكَ هذا مِن المتأخِّرين نائلًا الثواب الأكثر -بإذن الله-.
ويجوز للمعذورِ أن يؤخِّر رمي اليوم الثاني من أيام العيد إلى اليوم الثالث، والثالث إلى الرابع.
ويجوزُ التَّوكيل في الرَّمي عن النِّساء الضعيفات والمرضى والضُّعفاء والصِّغار -في حالة الضرورة القصوى-.
قلتُ: ولعل أصل تجويز هذا التَّوكيل: مبني على ما صحَّ عن ابن عمر -رضيَ الله عنهما-:
أنه كان يحُج بصبيانِه، فمن استطاع منهم أن يرميَ؛ رمى، ومَن لم يستطِع؛ رمَى عنه.
لكنَّ توسُّع كثير من المتوسِّعين: ليس من هذا الحق المُبين.
(فائدة): "من أراد الرَّمي عن غَيره؛ فله حالتَان؛ وهما:
أن يَرمي عن نفسه جميعَ الجِمار، ثم عن مُستنيبِه.
والأخرى: أن يرمي عن نفسه، وعن مُستنيبِه عند كلِّ جمرة.
وهذا هو الصَّواب؛ دفعًا للحَرج والمشقة، ولعدم الدَّليل الذي يوجِب خِلاف ذلك".
وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "مَنسكِه":
"ويُستحب ألَّا يدَع الصَّلاة في مسجد مِنى -وهو مسجد الخَيف- مع الإمام؛ فإن النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- وأبا بكر وعُمر كانوا يُصلُّون بالنَّاس قصرًا بلا جمْعٍ بمِنى، ويقُصر الناسُ كلهم خلفَهم -أهلُ مكة، وغير أهل مكة".
10 - طواف الوداع:
وهو واجب لغير الحائض والنُّفساء، ويكون السَّفر بعدَه مباشرة -ما استطعتَ إلى ذلك سبيلًا-.
فإذا خرجتَ من الحرَم؛ فقدِّم رِجلَك اليُسرى قائلًا: "اللهمَّ صلِّ وسلِّم على محمد، اللهمَّ إني أسألكَ مِن فضلك".
وإذا أردتَ مُغادرةَ مكة؛ فارحلْ كما ترحلُ مِن أي بلدٍ.
وكذلك مغادرتك المسجد الحرام؛ تكون بلا تكلُّف؛ كما تُغادر أي مسجد.
فإذا سافرتَ ووصلتَ بلدك: فابدأ بالمسجد؛ فصلِّ فيه ركعتَين؛ شُكرًا لله -سبحانه- على ما منَّ به عليك مِن نعمة العمل الصالح والعافية والسَّلامة.
يقول الله -تعالى- في بيان أثر ما يتقرَّب به إليه عِبادُه فيما يذبحونه مِن ذبائح له -سبحانَه-: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}.
قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره":
"يقول -تعالى-: إنما شرع لكم نَحر هذه الهدايا والضَّحايا؛ لتذكُروه عند ذبحها؛ فإنه الخالق الرازق؛ لأنه لا ينالُه شيء من لُحومِها ولا دمائها؛ فإنه -تعالى- هو الغني عما سواه.
وقد كانوا في جاهليَّتهم -إذا ذبحوها لآلهتِهم- وضعوا عليها من لحوم قرابينِهم، ونضحوا عليها مِن دمائها، فقال -تعالى-: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا} ".
أقول:
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- في "شرح العُمدة" (2/ 574): "الأصلُ في هذه الفِدية قولُه -سبحانه-: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}؛ فأباح الله -سبحانه- الحَلْق للمريض، ولمَن في رأسه قَمل يُؤذيه، وأوجبَ عليه الفِدية المذكورة.
وفسَّر مقدارَها رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- كما في حديث كعبِ بن عُجْرة -وهو الأصل في هذا الباب-، فقال له: "فاحلِقْ، واذبَح، أو صُم ثلاثة أيَّام، أو تصدَّق بثلاثة آصُعٍ -جمع (صاع) - بين سِتَّة مساكين".
وقد أجمع المسلمون على مثل هذا.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1487