نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 141
أمر قيصر رجاله إذا ظفروا بأسيرٍ من أسرى المسلمين أن يبقوا عليه وأن يأتوا به حياً وشاء الله أن يقع عبدالله بن حذافة - رضي الله عنه - أسيراً في أيدي الروم فحملوه إلى ملكهم, وقالوا: إن هذا من أصحاب محمد السابقين إلى دينه قد وقع أسيراً في أيدينا فأتيناك به، نظر ملك الروم إلى عبدالله بن حذافة - رضي الله عنه - طويلاً ثم بادره قائلاً: أني أعرض عليك أمراً، قال عبدالله: وما هو؟ فقال قيصر: أعرض عليك النصرانية فإن فعلت خليت سبيلك وأكرمت مثواك. فقال عبدالله في أَنَفَةٍ وحزمٍ: هيهات إن الموت لأحب إليَّ ألف مرةٍ مما تدعوني إليه. فقال قيصر: إني لأراك رجلاً شهماً فإن أجبتني إلى ما أعرضه عليك أشركتك في أمري وقاسمتك سلطاني. فتبسم الأسير المكبل بقيوده, وقال: والله لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمد طرفة عينٍ ما فعلت. قال قيصر: إذن أقتلك. قال عبدالله: أنت وما تريد ثم أمر به فصلب, وقال لقناصته: ارموا قريباً من يديه وهو يعرض عليه النصرانية فأبى. فقال قيصر: ارموه قريباً من رجليه وهو يعرض عليه مفارقة دينه فأبى. عند ذلك أمرهم أن يكفوا عنه وطلب أن ينزلوه عن خشبة الصلب ثم دعا بقدرٍ عظيمةٍ فصُبَّ فيها الزيت ورفعت على النار حتى غلت ثم دعا بأسيرين من أسارى المسلمين فأمر بأحدهما أن يُلقى فيها فألقي فإذا لحمه يتفتت وإذا عظامه تبدوا عاريةً ثم التفت إلى عبدالله بن حذافة ودعاه إلى النصرانية
فكان أشد إباءً لها من قبل. فلما يئس منه أمر به أن يلقى في القدر التي ألقي فيها صاحباه فلما ذهب به دمعت عيناه, فقال رجال قيصر لملكهم: إنه بكى فظن أنه جزع, وقال: ردوه إليَّ. فلما مثل بين يديه عرض عليه النصرانية فأباها. فقال قيصر: ويحك فما الذي أبكاك إذن؟ فقال عبدالله: أبكاني أني قلت في نفسي تُلقى الآن في هذا القدر فتذهب نفسك وقد كنت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعرٍ أنفس فتلقى كلها في هذا القدر في سبيل الله. فقال الطاغية: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟ فقال له عبدالله: وعن جميع أسارى المسلمين أيضاً؟ قال: وعن جميع أسارى المسلمين أيضاً. قال عبدالله: فقلت في نفسي: عدو من أعداء الله أقبل رأسه فيخلي سبيلي وسبيل المسلمين لا ضير في ذلك عليَّ ثم دنا وقبل رأسه فأمر ملك الروم أن يجمعوا له أسارى المسلمين وأن يدفعوهم إليه فدُفِعوا له.
موقف الغلام المؤمن ـ صاحب قصة الأخدود ـ: عن صهيب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كان ملكٌ فيمن كان قبلكم وكان له ساحرٌ، فلما كبر، قال للملك: إني قد كبرت فابعث إليَّ غلاماً أعلمه السحر، فبعث إليه غلاما يعلمه فكان في طريقه إذا سلك راهبٌ فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مرَّ بالراهب وقعد إليه, فإذا أتى الساحر ضربه فشكى ذلك إلى الراهب, فقال: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر فبينما هو كذلك إذ أتى على دابةٍ عظيمةٍ قد حبست الناس, فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل. فأخذ حجراً, فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحبُّ إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضى الناس. فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره, فقال له الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي وكان الغلام يُبرئ الأكمه والأبرص ويداوى الناس من سائر الأدواء فسمع جليسٌ للملك كان قد عُمي فأتاه بهدايا كثيرة, فقال: ما ها هنا لك أجمع. إن أنت شفيتني, فقال: أني لا أشفى أحداً إنما يشفى الله فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس, فقال له الملك: من ردَّ عليك بصرك قال: ربي, قال: ولك رب غيري, قال: ربي وربك الله. فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلَّ على الغلام فجيء بالغلام, فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تُبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل, فقال: أني لا أشفى أحداً إنما يشفى الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلَّ على الراهب, فجيء بالراهب, فقيل له: ارجع عن دينك. فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه. ثم جيء بجليس الملك, فقيل له: ارجع عن دينك فأبى. فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 141