نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1379
وكنا نتحدث -قريبًا- في هذا الموضوع بالذات؛ حب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين رضيَ اللهُ عنهُم وأرضاهم، وعرفنا منازلهم، وعرفنا أن أفضلهم الخلفاء الأربعة، وأن كل واحد منهم على فضلٍ عظيم، وعلى جانبٍ من الخير كبير, وإن كان بعضُهم أفضل من بعض كما أخبر الله -عز وجل- عن أفضلية المهاجِرين، ويتبعهم الأنصار، ويأتي مِن بعدهم أتباعهم، وبيَّن أفضلية مَن قاتلوا وأنفقوا مِن قبل الفتح على مَن قاتلوا وأنفقوا مِن بعد الفتح، وبيَّن فضل أصحاب الشجرة -بيعة الرضوان-، وبيَّن -أيضًا- فضل أصحاب بدر، إلى غير ذلك من الثناء على أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فبيَّن هذا الإمام الجليل أنه يعتقد حُب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فلم يسلك مَسلك الروافض الذين غَلوا في بعضٍ -كعلي بن أبي طالب وأهل بيتِه-، وجَفوا آخرين -كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وأبي هريرة، وحفصة، وعائشة .. وغيرهم وغيرهم-، واتهموهم بالنفاق. ولم يسلك مَسلك الخوارج الذين كفَّروا عليًّا ومن معه، واستحلوا دماءهم وأموالهم.
وهذا هو معتقد الطائفة الناجية المنصورة.
وابن تيمية -رحمه الله- يقول هذا هو مذهبه؛ حب أصحاب رسول الله -على التفصيل الذي مضى-.
... /// وَمَوَدَّةُ الْقُرْبَى بِهَا أَتَوَسَّلُ
أي: يود قرابة النبي -صلى الله عليه وسلم-كما سبق معنا في "العقيدة الواسطية"-قريبًا-، حب قرابة النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين آمنوا به، وحب زوجاته الطاهرات المطهَّرات، حبُّهم مفترض وواجب، ولا يجوز بُغضهم وهضم حقهم -أبدًا-؛ لذا قال الله -تعالى-: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الروم: 23] أي: تودوني لقرابتي، تود قرابتي من أجلي.
لكل واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منزلة رفيعة عند الله، وقدر عظيم عند الله والصالحين من عباد الله؛ لكن الصديق أعظمهم فضلًا، وخيرُهم بعد النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-، وبعد الرسل والأنبياء السابقين.
هذه عقيدةُ الإمام ابن تيمية فيما يتعلق بأصحاب النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-. ثم بعد الصدِّيق: عمر الفاروق، وعثمان ذو النورين، وعلي بن أبي طالب أبو السبطين.
هذا بيان لمعتقده في القرآن الكريم؛ فهو يؤمِن بأن القرآن الكريم كتاب الله المنزَّل، مُنزَّل غير مخلوق، من الله بدأ وإليه يعود، وأنه حُروف وكلمات وآيات وسُوَر كلها كلام الله -تبارك وتعالى- ليس منها شيء من كلام البشر -أبدًا-؛ فجبريل مبلِّغ، ومحمد مبلِّغ -عليهما الصلاة والسلام-، والناس يتلون هذا القرآن الذي هو كلام الله -عز وجل- بأصواتِهم، ويكتبونه بأقلامهم، وذلك لا يخرجه عن كونه كلام الله -تبارك وتعالى-أبدًا-، وهذا معتقد أهل السنة والجماعة مشى عليه هذا الإمام ابن تيمية -رحمه الله-.
قال:
وَأُقِولُ في الْقُرْآنِ مَا جَاءَتْ بِهِ /// آيَاتُهُ ...
جاءت الآيات والأحاديث بأن القرآن منزَّل من عند الله، وأنه كلام الله؛ كما قال الله -عز وجل-: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]، وكما قال -عز وجل-: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2]، وقال -تبارك وتعالى-: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3].
إذًا؛ فهو منزَّل من عند الله -تبارك وتعالى-، تكلم به قولًا، وأنزله وحيًا، وبلَّغه جبريل، وبلَّغه محمد بدون زيادة ولا نقصان؛ فنِسبته إلى جبريل وإلى محمد نسبة تبليغ، ونسبته إلى الله -عز وجل- هو كلامه، قوله حقيقةً، لا كما يقول أهل البدع والضلال مِن أن القرآن مخلوق! ومنهم مَن نفى هذه الصفة -كغيرها من الصفات- نفيًا باتًّا، ومنهم من خبَّط فيها بدون علم؛ فقالوا: إن القرآن كلام الله بلا حرف ولا صوت! ونحو ذلك، ومنهم مَن توقف! وكل هذا ضلال.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1379