responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1320
نظرات في كتاب «إحياء علوم الدين»
ـ[عمر بن عبد المجيد]ــــــــ[05 - 12 - 2010, 09:51 ص]ـ
نظرات في كتاب «إحياء علوم الدين» للإمام الغزالي رحمه الله تعالى

عمر بن عبد المجيد البيانوني

ذكر بعض الدعاة عن كتاب «إحياء علوم الدين» أنَّ فيه (سطوةً عارمةً على السَّعادة واليُسْرِ اللذيْنِ أتى بهما الشارعُ الحكيمُ)، وقال: (فكتابُ إحياء عِلوم الدينِ للغزاليِّ، دعوةٌ صارخةٌ للتجويعِ والآصار والأغلالِ التيِ أتى رسولُنا صلى الله عليه وسلم لوضْعِها عنِ العالمين. فهو يجمعُ من الأحاديثِ، المتردِّية والنطِيحة وما أكل السَّبُعُ، وغالبُها ضعيفةٌ أو موضوعةٌ، ثم يبني عليها أُصُولاً يظنُّها منْ أعظمِ ما يُوصِّلُ العبدُ إلى ربِّه. وقارنتُ بين إحياءِ علومِ الدين وبينِ الصحيحين للبخاري ومسلم، فبان البونُ وظهر الفرْقُ، فذاك عَنَتٌ ومشقَّةٌ وتكلُّفٌ، وهذه يُسْرُ وسماحةٌ وسهولةٌ، فأدركتُ قول الباري: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى}). اهـ.
وأقول في ذلك:
«إحياء علوم الدين» من أفضل الكتب وأعظمها في تزكية النفس وتصفيتها من الشوائب والآفات، وفي معرفة الإنسان دخائل نفسه وكيف يعالجها، ومعرفة حقيقة العبادة وروحها، وقد وصف الإمام الذهبي مؤلِّفه في السِّيَر: (الغزالي الشيخ الإمام البحر، حُجَّة الإسلام، أعجوبة الزمان).
وليس في الكتاب (سطوة عارمة على السَّعادة واليسر اللذيْنِ أتى بهما الشارعُ الحكيمُ)، ومؤلفه من أسعد الناس بربه فكيف يسطو على السَّعادة وهو مَنْ يعلمها للناس؟
لقد اهتمَّ الإمام الغزالي في الإحياء بأمر السَّعادة في كثير من المواضع، وإنْ كان الكتابُ كلُّه يدعو إلى السَّعادة، منها قوله رحمه الله مبيِّناً أنَّ أصل السَّعادة في العلم: (وأعظم الأشياء رتبة في حقِّ الآدمي: السَّعادة الأبدية، وأفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها، ولن يُتَوصَّل إليها إلا بالعلم والعمل، ولا يُتَوصَّل إلى العمل إلا بالعلم بكيفية العمل، فأصل السَّعادة في الدُّنيا والآخرة هو العلم فهو إذن أفضل الأعمال).
وقال في ذلك أيضاً: (وقد ظهر شرف العلم من قبل العقل، والعقل منبع العلم ومطلعه وأساسه، والعلم يجري منه مجرى الثمرة من الشجرة، والنور من الشمس، والرؤية من العين، فكيف لا يشرف ما هو وسيلة السَّعادة في الدُّنيا والآخرة).
وذكر رحمه الله أنَّ السَّعادة الحقيقية في التقرُّب إلى الله سبحانه وليس في إيثار الخلق على الخالق، قال: (وما أبعدَ عن السَّعادة مَنْ باع مهمَّ نفسِهِ اللازم بمهمِّ غيره النادر، إيثاراً للتقرُّب والقبول من الخلق على التقرُّب من الله سبحانه).
وذكر أنَّ من أسباب السَّعادة: الإحسان، فقال: (الباب الرابع في الإحسان في المعاملة، وقد أمر الله تعالى بالعدل والإحسان جميعاً، والعدل سبب النجاة فقط، وهو يجري من التجارة مجرى رأس المال، والإحسان سبب الفوز ونيل السَّعادة).
وذكر أنَّ السَّعادة لا تكون إلا بسلامة القلب فقال: (وقد أهمل الناسُ طبَّ القلوب، واشتغلوا بطبِّ الأجساد، مع أنَّ الأجساد قد كُتِبَ عليها الموتُ لا محالة، والقلوب لا تدرك السَّعادة إلا بسلامتها، إذ قال تعالى: {إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ})
وذكر من أسباب السَّعادة: السعي والجد مع عدم القنوط والإعجاب بالعمل، قال رحمه الله بعد أن ذكر قول ابن مسعود «الهالك في اثنتين القنوط والعجب»: (وإنما جمع بينهما؛ لأنَّ السَّعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمر، والقانط لا يسعى ولا يطلب، والمعجب يعتقد أنَّه قد سعد وقد ظفر بمراده فلا يسعى، فالموجود لا يطلب، والمحال لا يطلب، والسَّعادة موجودة في اعتقاد المعجب حاصلة له، ومستحيلة في اعتقاد القانط، فمن ههنا جمع بينهما).
وذكر أنَّ أعظم نعمة هي الإيمان الذي هو أساس السَّعادة، قال رحمه الله: (فمفتاح السَّعادة: التيقُّظ والفطنة، ومنبع الشقاوة: الغرور والغفلة، فلا نعمة لله على عباده أعظم من الإيمان والمعرفة، ولا وسيلة إليه سوى انشراح الصدر بنور البصيرة، ولا نقمة أعظم من الكفر والمعصية، ولا داعي إليهما سوى عمى القلب بظلمة الجهالة).
وليس الإحياء: (دعوة صارخة للتجويعِ والآصار والأغلالِ التي أتى رسولُنا صلى الله عليه وسلم لوضْعِها عنِ العالمين).
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1320
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست