responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1317
وصحَّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في اليوم العاشر: " أحتسِبُ على اللهِ -تبارك وتعالى- أن يكفِّر سنةً قبلَه " أي: يكفر ذنوبَ سنةٍ قبله.

ولا شك أن مَن صام الخميس القادم، والجمعة والسبت؛ فلا شكَّ أنه أدرك التاسعَ والعاشرَ -قطعًا-؛ لأنه لم يتقدَّم أحدٌ برؤية الهلال ليلةَ الأربعاء الماضي؛ لذلك فإن الشهر محتمل أن يكون قد أهلَّ في الأربعاء أو الخميس؛ فالخميس الذي هو اليوم الثامن يعني يُصام باعتبار يوم الخميس يُسنُّ صومُه، ثم تُصام الجمعة -وهي اليوم التاسع حسب التقويم، وربما كان اليوم العاشر -حسب الهلال-، ثم يُصام يوم السبتِ؛ لأنه هو اليوم العاشر من حيث التقويم، وقد يكون الحادي عشر.

فمَن صام هذه الأيام الثلاثة -الخميس والجمعة والسبت-؛ فلا شكَّ أنه قد أدرك التاسع والعاشر -حتمً-.

وقد يوجد إشكال عند بعض الإخوة في صيام السبتِ؛ والصحيح: صومُه إذا وافق سُنةً. أما الممنوع: هو إفراده بالصوم إذا لم يوافق سُنة، أما لو وافق أحد الأيام البيض، أو وافق اليوم العاشر أو التاسع، أو وافق أنه آخر يوم من الأيام الستة -مثلًا- من شوال، أو وافق يوم عرفة؛ فإنه يُصام -على الراجح من أقوال أهل العلم-.

فعلى المسلم أن يستغل هذه الفُرص المباركة؛ فيتقرب إلى الله -تبارك وتعالى- بالصوم؛ لأن الصومَ جُنَّة -كما أخبر الصادق المصدوق-صلى الله عليه وسلم-، ومعنى كونه (جُنَّة): أي وقاية للمسلم من عذاب الله -سبحانه وتعالى-؛ ولذلك فإن الصومَ مما اختص الله بمضاعفة أجرِه للعبدِ " كلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ له، إلا الصَّوم؛ فإنَّهُ لِي وأنا أجْزِي بِه، يَدَعُ طعامَه وشَهْوَتَه مِن أجْلِي ".

فالصومُ من أعظم الأعمال التي تقرِّب إلى الله -تبارك وتعالى-؛ ذلك أنه سرٌّ بين العبد وبين ربِّه، لا يطلع عليه وعلى حقيقتِه إلا الله -سبحانه وتعالى-.

فلنبادِر إلى الأعمال الصالحةِ، لنبادر إليها ما دمنا في دار المبادَرة، ولنجتهد فيها ما دُمنا في دار الاجتهاد قبل أن يأتيَ يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خُلة ولا شفاعة، قبل أن يأتيَ يومٌ يتمنى المقصر في جنب الله أن لو عاد إلى هذه الحياة الدنيا ليعمل ويعمل من جديد {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ - وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 10 - 11] {الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267].

فتنبه -يا عبد الله! -، وتقرب إلى الله بالصوم؛ فإنه عمل عظيم، سرٌّ بين العبد وبين ربِّه، يتجلى فيه الإخلاص وابتغاء وجه الله -تبارك وتعالى- في أعظم صورة، إذا التزم المسلم بآداب الصيام المعروفة.

و" خير العمل أدومُه وإن قلَّ "؛ أفضل الأعمال ما داوم عليه العبدُ ولو كان قليلًا؛ لأن المداومة عليه يحصل فيها الخير الكثير، ثم إنه إذا عجز عنه لمرض أو كِبَر أو عجزٍ؛ فإن الله -تبارك وتعالى- يكتب له ما كان يفعله يوم أن كان صحيحًا معافًى؛ هذا فضلٌ من رب العالَمين؛ فلنستغلَّه، ولنجتهد في تحصيله، {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105].

والمسلم حريصٌ دائمًا على أعمال الخير، لا يحتقر منها شيئًا، ولا يزدري منها شيئًا؛ بل يبادر إلى كل عملٍ يقرِّبه إلى الله -مهما كان صغيرًا-؛ " اتَّقُوا النَّارَ، ولَو بِشِقِّ تَمْرَة "، " لا تَحقرنَّ مِن المعروف شيئًا، ولو أن تلقَى أخاكَ بِوَجْهٍ طَلِق ".

فنوافل العبادات -يا عبد الله! - من أعظم أسباب محبة الله لعبده، ولعلكم سمعتم -غير مرة- الحديث العظيم الذي جاء فيه: " ولا يزال عبدِي يتقربُ إليَّ بالنوافِل حتى أُحبَّه، فإذا أحببْتُه؛ كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به، وبصرَه الذي يُبصِر به، ويدَه التي يبطش بها، ورجلَه التي يمشي بها، ولئن سألني؛ لأعطينَّه، ولئن استعاذني؛ لأعيذنَّه ".

فلنبادر -يا عبد الله! - إلى الأعمال الصالحة التي تقربنا إلى الله -تبارك وتعالى-؛ لتكون ذُخرًا لك يوم تلقاه {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8]، " بادِرُوا بالأعْمالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظْلِم، يُمْسِي الرَّجلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، ويُصْبِحُ كافِرًا، ويُصْبِحُ مُؤْمِنًا ويُمْسِي كافِرًا؛ يَبيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيا " -والعياذُ بالله من مُضِلات الفِتن ما ظهر مِنها وما بَطن-.

[فرغتُها من محاضرة بعنوان: "شهر الله المحرَّم"، لفضيلة الشيخ صالح السحيمي -حفظه الله-، من موقعه الرسمي].
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست