responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1316
إن الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يضللْ فلا هاديَ له. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله -صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين-.

أما بعد -أيها الإخوةُ في الله! -:

فإن فضائل الله -تبارك وتعالى- على عباده عظيمةٌ وكثيرة، تتتابع، تترى، لا تُعد ولا تُحصَى، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34].

ولو تأملت -يا عبد الله! - ما تفضَّل اللهُ به على عباده من الخير؛ لسارعتَ ولبادرتَ إلى الأسباب التي شرعها الله -تبارك وتعالى- لكَ مِن أجل الحصول على ذلك الخير، والله -تبارك وتعالى- لا يُخلِف الميعاد.

فبالإضافة إلى مواسم العبادة اليوميَّة -مِن فرائضَ ونوافل-؛ فإنَّ الله -سبحانه وتعالى- قد شرعَ لعبادِه في بعض الأوقاتِ ما يُقرِّبهم إليه، وما تُضاعَف (له بهم) [لعل الصواب: لهم به] درجاتهم، وتُقال به عثراتُهم، وتُزادُ حسناتُهم، وتُحط سيئاتُهم. فما على العبدِ إلا أن يبادرَ إلى استغلالِ مواسم الخيرِ، {وَفي ذلكَ فَلْيَتَنافَسِ المُتَنافِسُونَ}.

فنحن -الآن- في شهر الله المحرَّم الذي هو -أولًا- من الأشهر الحُرُم، وثانيًا: شرع لنا فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعمالًا تقرب إلى ربِّنا -جل وعلا- وهي: صومُه، أو صومُ أكثره؛ فقد ثبت في الصحيح: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " أفضل الصومِ بعد رمضانَ: صومُ شهر اللهِ المحرَّم، وأفضل الصلاةِ بعد الفريضةِ: صلاةُ الليل ". فأفضل الصَّوم -يا عبد الله! -بعد صيام شهر رمضان الذي هو الفريضة- صومُ شهر الله المحرَّم.

والمقصود: صوم أكثره؛ لأنه لم يشرع صيام شهر كامل إلا صوم شهر رمضان المبارك؛ فتصوم ما استطعت منه -يا عبد الله! - وبخاصة الأيام البيض، وثلاثة أيام منه، وصوم الاثنين والخميس، وهناك يومٌ مميَّز شرع لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صومَه.

فقد ثبت في "الصحيحين" عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله قدم المدينة فوجد اليهود يصومون اليوم العاشر، ما السبب الذي جعلهم يصومون هذا اليوم الذي هو العاشر؟ فقالوا: إنه يوم عظيم، نجى الله فيه موسى وقومَه، وأغرق فرعون وقومَه، فصامه موسى، ونحن نصومه شكرًا لله -جل وعلا-، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " نحنُ أحَقُّ بِمُوسَى مِنكُمْ " فصامه، وأمر بصيامه.

ولا يُفهم من هذا الحديث أننا نتبع ما يفعل اليهود والنصارى من طقوسٍ وأعياد ومناسبات فنقلدهم فيها؛ إلا أننا ننفذ ونطبق ما أمرنا به من؟ رسولنا -صلى الله عليه وسلم-؛ فنصومُ ما أمرنا بصومِه، ونصلِّي ما أمرنا بصلاتِه، ونفعل ما أمرنا بفِعلِه، ونترك ما أمرنا بتركِه، ونبتعد عن الإحداث في الدينِ والبدع التي ما أنزل الله بها من سلطان؛ لأن البعض قد يقول: ما دام النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " نحنُ أحَقُّ بِمُوسَى مِنكُمْ "؛ فلماذا لا نتتبع بعض الأعياد والموالد التي اختُرعت وابتُدعت في الدِّين، وأن هذا من تعظيم تلك الأيام المباركة الطيِّبة؟!

والجواب عن هذا الإشكال: أن الدين ما شرع الله ورسولُه -ما شرع الله في كتابه، أو شرعَه على لسان رسولِه-صلى الله عليه وسلم-، وما خرج عن ذلك؛ فهي بِدع مردودةٌ على أصحابِها.

وصح عن -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " لئن عِشتُ مِن قابِل؛ لأصومَنَّ التاسع " أي: مضمومًا إلى ماذا؟ إلى العاشر؛ مخالفةً لمن؟ لليهود، ونحن مأمورون بمخالفتهم في طقوسِهم؛ لأنهم حرَّفوا وبدَّلوا، وغيَّروا وبدَّلوا؛ فنحن نصوم العاشر؛ تأسيًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وشرع لنا أن نضمَّ إليه اليومَ التاسع؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم-: " لئن عِشتُ مِن قابِل؛ لأصومَنَّ التاسع " أي: إضافة إلى اليوم العاشر؛ وذلك مخالفةً لليهود ولطُقوسِهم.

وجاء في حديث آخر فيه مقال: أنه يُصام يومٌ قبله، أو يومٌ بعده. ولكن عليه كثير من أهل العلم، وبخاصة إذا فاتك اليوم التاسع؛ فإنك تصوم اليوم العاشر واليوم الحادي عشر. إذا فاتك اليوم التاسع؛ تصوم اليوم العاشر واليوم الحادي عشر.

¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1316
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست