responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1289
ـ[أم محمد]ــــــــ[16 - 05 - 2013, 02:41 م]ـ
[لا تستوحش!]
من جميل ما قرأتُ من دُرر الإمام ابن القيم -رحمه الله- في هذا الباب قوله:
(ولا يستوحش من ظاهر الحال؛ فإنَّ اللهَ -سبحانه- يُعاملُ عبدَه معاملةَ مَن ليس كمثله شيءٌ في أفعاله كما ليس كمثله شيء في صفاته.
فإنه ما حرمه إلا ليعطيَه.
ولا أمرضه إلا ليشفيَه.
ولا أفقره إلا ليُغنيَه.
ولا أماته إلا ليُحييَه.
وما أخرج أبوَيه من الجنة إلا ليُعيدهما إليها على أكمل حال.
كما قيل:
يا آدم! لا تجزع من قولي لك: (اخرج منها)؛ فلَكَ خلقتُها، وسأعيدك إليها.
فالربُّ -تعالى-: يُنعم على عبدِه بابتلائه، ويُعطيه بحِرمانه، و [يصحه] بسقمه.
فلا يستوحش عبدُه من حالة تسوؤه -أصلًا-؛ إلا إذا كانت تُغضبُه عليه وتُبعده منه). ["عدة الصابرين"، (99)].

ـ[أم محمد]ــــــــ[16 - 05 - 2013, 02:42 م]ـ
"الصبرُ إذا أعطاه الله العبدَ؛ فهو أفضل العطاء وأوسعه وأعظمه إعانة على الأمور؛ قال -تعالى-: {واستعينُوا بالصبرِ والصلاة} [البقرة: 45]؛ أي: على أموركم -كلها-.
والصبر كسائر الأخلاق؛ يحتاجُ إلى مجاهدة للنفس وتمرينها؛ فلهذا قال: "ومن يتصبَّر" أي: يجاهد نفسه على الصبر؛ "يُصبِّره اللهُ" ويعينه.
وإنما كان الصبرُ أعظم العطايا؛ لأنه يتعلق بجميع أمور العبد وكمالاته، وكل حال من أحواله تحتاج إلى صبر: فإنه يحتاج إلى الصبر على طاعة الله حتى يقوم بها ويؤديها، وإلى صبر عن معصية الله حتى يتركها لله، وإلى صبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها؛ بل: إلى صبر على نِعم الله ومحبوبات النفس فلا يدع النفسَ تمرح وتفرح الفرح المذموم بل يشتغل بشُكر الله.
فهو -في كل أحواله- يحتاج إلى الصبر.
وبالصبر ينال الفلاح؛ ولهذا ذكر الله أهلَ الجنة فقال: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ. سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 23 - 24]، وكذلك قوله: {أولئكَ يُجزَونَ الغُرفةَ بما صَبَروا} [الفرقان: 75].
فهم نالوا الجنةَ بنعيمها، وأدركوا المنازل العالية بالصبر.
ولكن العبد يسأل اللهَ العافية من الابتلاء الذي لا يدري ما عاقبته، ثم إذا ورد عليه؛ فوظيفته: الصبر، فالعافية هي المطلوبة بالإضافة في أمور الابتلاء والامتحان، والصبر يؤمر به عند وجود أسبابه ومتعلقاته، والله هو المُعين.
وقد وعد الله الصابرين في كتابه وعلى لسان رسوله أمورًا عاليةً جليلة، ووعدهم بالإعانة في كل أمورهم، وأنه معهم بالعناية والتوفيق والتسديد، وأنه يحبهم ويثبت قلوبهم وأقدامهم، ويُلقي عليهم السكينة والطمأنينة، ويسهل لهم الطاعات، ويحفظهم من المخالَفات، ويتفضل عليهم بالصلوات والرحمة والهداية عند المُصيبات، والله يرفعهم إلى أعلى المقامات في الدنيا والآخرة.
وعدهم النصرَ، وأن ييسرهم لليُسرى ويجنبهم العسرى، ووعدهم بالسعادة والفلاح والنجاح، وأن يوفيهم أجرهم بغير حساب، وأن يُخلف عليهم في الدنيا أكثر مما أخذ منهم من محبوباتهم وأحسن، [و] يعوضهم عن وقوع المكروهات عوضًا عاجلًا يُقابل أضعاف أضعاف ما وقع عليهم من كريهة ومصيبة.
وهو في ابتدائه صعب شديد، وفي انتهائه سهل حميد العواقب؛ كما قيل:
والصبرُ مثل اسمِه مُرٌّ مذاقتُه /// لكنْ عواقبُه أحلى من العسلِ".
["بهجة قلوب الأبرار" للعلامة ابن سعدي -رحمه الله-، حديث (33)].

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست