responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1286
{وَالأنْفُسِ} أي: ذهاب الأحباب من الأولاد، والأقارب، والأصحاب، ومن أنواع الأمراض في بدن العبد، أو بدن من يحبه، {وَالثَّمَرَاتِ} أي: الحبوب، وثمار النخيل، والأشجار كلها، والخضر ببرد، أو برد، أو حرق، أو آفة سماوية، من جراد ونحوه.
فهذه الأمور، لا بد أن تقع؛ لأن العليم الخبير أخبر بها فوقعت كما أخبر.
فإذا وقعت انقسم الناس قسمين: جازعين وصابرين.
فالجازع: حصلت له المصيبتان؛ فوات المحبوب، وهو وجود هذه المصيبة، وفوات ما هو أعظم منها، وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر؛ ففاز بالخسارة والحرمان، ونقص ما معه من الإيمان، وفاته الصبر والرضا والشكران، وحصل [له] السخط الدال على شدة النقصان.
وأما مَن وفَّقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب؛ فحبس نفسه عن التَّسخُّط -قولًا وفعلًا-، واحتسب أجرها عند الله، وعلم أن ما يُدركه من الأجر بِصبره أعظم من المصيبة التي حصلت له؛ بل المصيبة تكون نعمة في حقه لأنها صارت طريقًا لحصول ما هو خير له وأنفع منها؛ فقد امتثل أمر الله، وفاز بالثواب؛ فلهذا قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} أي: بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب.
فـ {الصَّابرين} هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة، والمنحة الجسيمة.
ثم وصفهم بقوله: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره.
{قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ} أي: مملوكون لله، مدبَّرون تحت أمره وتصريفه، فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء، فإذا ابتلانا بشيء منها؛ فقد تصرَّف أرحم الراحمين بمماليكه وأموالهم؛ فلا اعتراض عليه؛ بل مِن كمال عبودية العبد علمه بأن وقوع البليَّة من المالك الحكيم الذي أرحم بعبدِه مِن نفسه؛ فيوجب له ذلك: الرضا عن الله، والشُّكر له على تدبيره لما هو خير لعبده -وإن لم يشعر بذلك-، ومع أننا مملوكون لله، فإنا إليه راجعون يوم المعاد، فمُجازٍ كل عامل بعمله، فإن صبرنا واحتسبنا؛ وجدنا أجرَنا موفورًا عنده، وإن جزعنا وسخطنا؛ لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر، فكون العبد لله، وراجع إليه، من أقوى أسباب الصبر.
{أُولَئِكَ} الموصوفون بالصبر المذكور {عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ} أي: ثناء وتنويه بحالهم {وَرَحْمَةٌ} عظيمة، ومن رحمته إياهم، أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر، {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} الذين عرفوا الحق، وهو في هذا الموضع، علمهم بأنهم لله، وأنهم إليه راجعون، وعملوا به وهو هنا صبرهم لله.
ودلت هذه الآية، على أن مَن لم يصبر؛ فله ضد ما لهم، فحصل له الذَّم من الله، والعقوبة، والضلال والخسار.
فما أعظم الفرق بين الفريقين!
وما أقل تعب الصابرين، وأعظم عناء الجازعين!!
فقد اشتملت هاتان الآيتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها؛ لتخف وتسهل إذا وقعت، وبيان ما تقابل به إذا وقعت؛ وهو الصبر، وبيان ما يعين على الصبر، وما للصابر من الأجر، ويعلم حال غير الصابر بضد حال الصابر.
وأن هذا الابتلاء والامتحان سُنة الله التي قد خلت، ولن تجد لسنة الله تبديلا وبيان أنواع المصائب).

ـ[أم محمد]ــــــــ[14 - 02 - 2012, 01:01 م]ـ
قال الله -سُبحانه وتَعالى-: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ - الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ - أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157].

وقال -سُبحانه وتَعالى-: {يا أيُّها الذين آمَنُوا اصبِرُوا وصَابِرُوا ورَابِطُوا واتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفلِحُونَ} [آل عمران: 200].

وعن أمِّ سلمةَ -رضيَ اللهُ عنها- قالت: قال رسول اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: " ما مِن عبدٍ تُصيبُه مُصيبةٌ فيقولُ: إنَّا لله وإنَّا إليهِ راجِعونَ، اللهمَّ اؤجُرني في مُصيبَتي وأَخلِف لي خيرًا مِنها؛ إلا آجرهُ اللهُ في مُصيبتِه، وأخلفَ له خيرًا منها ". [رواه مسلم (918)]

وعن أبي سعيدٍ -رضيَ اللهُ عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: " ومَن يصبِر يُصبِّرهُ الله، وما أُعطِي أحدٌ عَطاءً خيرٌ وأوسعُ من الصَّبر ". [رواه البخاري (1469)، ومسلم (1053)، وأبو داود (1644)]

وقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: " واعْلَم أن النَّصر مع الصَّبرِ، وإنَّ مع العُسرِ يُسرًا ". [صحيح، أخرجه أحمد (2669)، (2803)]

فالعبدُ وما يملكهُ لله -سُبحانه- حقيقةً؛ لأنَّه أوجدهُ مِن عدمٍ ويُعدِمه -أيضًا- ويحفظُه في حال وُجوده، ولا يتصرَّف فيه العبدُ إلا بما يُتاحُ له، وأن مرجعَه إلى الله -ولا بُدَّ-، وأنَّ ما أصابهُ لم يكنْ لِيُخطِئه، وما أخطأه لم يكنْ ليُصيبَه، وإن اللهَ لو شاءَ جعل مصيبتَه أعظم مما هي، وإنه إن صبرَ أخلف اللهُ عليه أعظمَ مِن فوات مُصيبتِه، وإنَّ المصيبةَ لا تختصُّ به فيتأسَّى بأهل المصائب، ومُصيبةُ بعضِها أعظم، وإن سرور الدنيا مع قِلَّته وانقطاعه منغَّص ...

["الآداب الشرعية" بواسطة "تهذيبها" (194 - 195)].
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست