(وهُما ما بين الصُّبح وطُلوع الشَّمس، وما بين العَصر والغُروب.
قال الله -سُبحانه وتَعالى-: {يا أيُّها الذين آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثيرًا - وسَبِّحُوهُ بُكرَةً وأَصِيلًا} [الأحزاب: 41 - 42].
والأَصِيل: قال الجَوهريُّ: هو الوقتُ بعد العَصرِ إلى المَغرب، وجمعُه: أُصُلٌ، وآصالٌ، وأَصائِلُ، كأنَّه جمع أَصِيلة.
قال الشَّاعر:
لَعَمرِي لأَنتَ البَيتُ أُكرِمُ أهلَهُ .. وَأقْعُدُ في أفيَائِهِ بِالأصائِلِ
ويُجمَع -أيضًا- على أُصْلان، مثل بَعيرٍ وبُعران، ثم صغَّروا الجَمْع؛ فقالوا: أُصَيْلان، ثم أبدلوا مِن النُّون لامًا، فقالوا: أُصَيلال.
قال الشَّاعر:
وَقفْتُ فيها أُصَيْلالًا أسائِلُها .. أَعْيَتْ جَوابًا وما بِالرَّبعِ مِن أحَدِ
وقال -تعالى-: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالعَشِيِّ وَالإِبكارِ} [غافر: 55]؛ فالإبكار: أول النهار، والعشي: آخره، وقال -تعالى-: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ الغُروبِ} [ق: 39].
وهذا تفسير ما جاءَ في الأحاديث: أن مَن قَال كذا وكذا حين يُصبِح وحين يُمسي؛ أنَّ المُراد به: قبل طلوعِ الشَّمس وقبل غروبها، وأنَّ محلَّ هذه الأذكارِ بعد الصُّبحِ وبعد العَصر).
[نقلًا من "الوابِل الصَّيِّب"، لابن القيِّم -رحمهُ اللهُ-، ص186].
قالَ أبو حيَّان الأندلسيُّ -رحمه اللهُ- في تفسيرِهِ «البحر المُحيط»:
(وَطَرَفُ الشَّيءِ يقتضي أن يكونَ من الشَّيءِ، فالَّذي يظهر أنَّهما: الصُّبح والعصر؛ لأنَّهما طَرَفا النَّهارِ).
،،،،،،،،،
،،، استطراد:
ذَكَّرَني بيتُ النَّابغةِ الذبيانيّ (وقفتُ فيها أُصَيْلالاً أُسائِلُها) بما قرأتُهُ في كتاب «التَّعالم» للشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-؛ يقولُ:
(وهذا الشيخ محمد بدر الدِّين الحلبي -رحمه الله تعالى- وَقَع له مع أزهريٍّ، أن سَأَلَهُ عَنْ «أُصَيْلالاً» في بيت النَّابغة:
وقفتُ فيها أُصَيْلالاً أُسائِلُها ... عَيَّتْ جوابًا وما بالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ
فقالَ الأزهريُّ: «أَصِيل» بفتح الهمزةِ، وكسر الصَّاد، و «لا» نافيةٌ للفعلِ بعدَها.
فقُلنا: لا، بل «أُصَيلالاً» كلُّها كلمةٌ واحدةٌ، والفعلُ بعدَها مُثبَتٌ.
فضَحِكَ، وقالَ: يقولُ اللهُ: ((بُكْرةً وأَصِيلاً))، وتقولونَ: «أُصَيلالاً»!) اه.