responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1269
وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي -صل الله عليه وسلم- قال: «ما من عبد قال لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة»، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق ثلاثاً» ثم قال في الرابعة: «على رغم أنف أبي ذر»، قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رَغِمَ أنف أبي ذر.

ومعنى هذا الحديث: أن الزنى والسرقة لا يمنعان دخول الجنة مع التوحيد، وهذا حق لا مرية فيه، وليس فيه أنه لا يعذب عليهما مع التوحيد، ففي مسند البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «لا إله إلا الله نفعته يومًا من دهره، يصيبه قبل ذلك ما أصابه».

ومن الأحاديث النبوية ما جاء بيانًا لتحريم دخول النار على من أتى بالشهادتين، وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام في حديث معاذ رضي الله عنه: «ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار».

وفي حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه، عن النبي -صل الله عليه وسلم- قال: «إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله»، إلى غير ذلك من الأحاديث النبوية الشريفة.

وقد يصاب بعض الناس بالغفلة عن حقيقة التوحيد وشرط النجاة، ويغتر بكلمة يديرها على لسانه، دون أن يفقه معناها، يظنها مفتاحًا للجنة، بمجرد نطقها باللسان، غافلاً عن شروطها التي ينبغي أن تتحقق، ومقتضياتها التي ينبغي أن يعمل بها، لتكون مفتاحًا صالحًا لفتح أبواب الجنة الثمانية.

وشهادة التوحيد هذه، سبب لدخول الجنة، والنجاة من النار، ومقتضى لذلك، ولكن المقتضى لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه، أو لوجود مانع من الموانع، وهذا قول الحسن البصري ووهب بن منبه، رحمهما الله.

فقد قيل للحسن البصري رحمه الله؛ إن أناسًا يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة؟ فقال: من قال لا إله إلا الله، فأدى حقها وفرضها دخل الجنة.

وقال للفرزدق وهو يدفن امرأته: ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، منذ سبعين سنة، فقال الحسن: نعم العدة، لكن لـ"لا إله إلا الله" شروطاً، فإياك وقذف المحصنة!

وقيل لوهب بن منبه: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك.

ويدل على صحة هذا القول: أن النبي -صل الله عليه وسلم- رتب دخول الجنة على الأعمال الصالحة في كثير من النصوص: فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رجلاً قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة. فقال: «تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً قال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة. قال: «تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان» فقال الرجل: والذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا شيئاً، ولا أنقص منه. فقال النبي -صل الله عليه وسلم-: «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا».

وقد تواردت مع ذلك آيات وأحاديث تبين توقف دخول الجنة والنجاة من النار على من فعل الفرائض واجتنب المحارم، فصارت تلك الأحاديث السابقة مفسرة مبينة، وينبغي أن يؤخذ بالبيان والمبين معًا، ولا يجوز إعمال بعض النصوص والأدلة وإهمال سائرها.

ومن القواعد المقررة: أن المطلق يحمل على المقيد، فإذا جاءت نصوص مطلقة، وجاءت نصوص أخرى متحدة معها في الحكم والسبب، فإنه يحمل النص المطلق على المقيد. والأحاديث التي جاءت تبين أن دخول الجنة وتحريم النار معلق على شهادة "أن لا إله إلا الله"، وهذه الأحاديث المطلقة جاءت أحاديث أخرى تقيدها. ففي بعضها:

«من قال: لا إله إلا الله مخلصًا ...»، وفي بعضها: «مستيقناً بها قلبه. .» وفي بعضها: «صدق لسانه ..»، وفي بعضها: «يقولها حقا من قلبه ..». . الخ.

وكذلك علقت الأحاديث دخول الجنة على:"العلم بمعنى لا إله إلا الله" ونصوص أخرى تبين الثبات على هذه الكلمة، ونصوص أخرى تدل على وجوب الخضوع لمدلولها. . الخ.

¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست