نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 126
وقرأ عامرُ بنُ عبد قيس في ليلة سورة غافر، فلما انتهى إلى هذه الآية: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ)، لَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهَا حتى أصبح.
وقال عَبَّادُ بْنُ حَمْزَةَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ وَهِيَ تَقْرَأُ: (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ)، قَالَ: «فَوَقَفَتْ عَلَيْهَا، فَجَعَلَتْ تَسْتَعِيذُ وَتَدْعُو» قَالَ عَبَّادٌ: فَذَهَبْتُ إِلَى السُّوقِ، فَقَضَيْتُ حَاجَتِي، ثُمَّ رَجَعْتُ وَهِيَ فِيهَا بَعْدُ تَسْتَعِيذُ وَتَدْعُو.
6ـ ومما يعين على تدبر القرآن: التفاعل مع الآيات بالسؤال والتعوذ والاستغفار ونحوِهِ عند مناسبة ذلك، فذلك يعين على حضور القلب عند التلاوة.
وهكذا كان هدي النبي عليه الصلاة والسلام، فقد وصف حُذَيْفَةُ رضي الله عنه قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه: (يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ). رواه مسلم.
وقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَرَأَ مِنْكُمْ (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)، فَانْتَهَى إِلَى آخِرِهَا: (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ)، فَلْيَقُلْ: بَلَى، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ. وَمَنْ قَرَأَ: (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ)، فَانْتَهَى إِلَى: (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى)، فَلْيَقُلْ: بَلَى. وَمَنْ قَرَأَ: (وَالْمُرْسَلاَتِ)، فَبَلَغَ: (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)، فَلْيَقُلْ: آمَنَّا بِاللهِ. رواه أبو داود والبيهقي في السنن الكبرى.
وقال جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: قَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةَ الرَّحْمَنِ حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ قَالَ: (مَا لِي أَرَاكُمْ سُكُوتاً، لَلْجِنُّ كَانُوا أَحْسَنَ مِنْكُمْ رَدّاً مَا قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الآيَةَ مِنْ مَرَّةٍ: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) إلا قَالُوا: وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكُ الْحَمْدُ. رواه الترمذي، والبيهقي في شعب الإيمان وفي دلائل النبوة.
وقَالَ حُسَيْنٌ الْكَرَابِيسِيُّ: بِتُّ مَعَ الشَّافِعِيِّ فَكَانَ يُصَلِّي نَحْوَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَمَا رَأَيْتُهُ يَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ آيَةً فَإِذَا أَكْثَرَ فَمِائَةٌ وَكَانَ لا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إلا سَألَ اللهَ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ أَجْمَعِينَ، وَلا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إلا تَعَوَّذَ بِاللهِ مِنْهُ، وَسَألَ النَّجَاةَ لِنَفْسِهِ وَلِجَمِيعِ المُؤْمِنِينَ، فَكَأَنَّمَا جُمِعَ لَهُ الرَّجَاءُ وَالرَّهْبَةُ مَعاً.
فالمؤمنُ عندما يَمُرُّ على آياتِ الوعيدِ يَخَافُ أنْ يَكُونَ داخلاً فيها، ويَسألُ اللهَ السلامةَ من ذلك، وعند ذِكْرِ المغفرةِ والرحمةِ يَستبشرُ ويَفرَحُ ويَسألُ اللهَ أنْ يكونَ مِنْ أهلِ ذلك.
وعند ذِكْرِ اللهِ وصفاتِهِ وأسمائِهِ تتملَّكُهُ المحبةُ للهِ والهيبةُ له والخضوعُ لجلالِهِ وعَظَمَتِهِ.
7ـ ومن وسائل التدبر: القراءةُ بتأنٍ وهدوء، والتفاعلُ مع الآيات بحضور القلب، وإلقاء السمع، وإمعان النظر، وإعمال العقل. فلا يكون هَمُّهُ الإكثارَ من القراءة بدون تأمُّلٍ وفَهْمٍ لما يقرؤه.
8ـ ومن الوسائل التي تعين على التدبر: الاطلاع على ما ورد في تفسير الآية والعودة إلى فهم السلف للآية وتدبرهم لها وتعاملهم معها.
9ـ ومن وسائل التدبر: فهمُ اللغةِ العربيةِ التي نزل بها القرآن ومعرفة معاني الكلمات ودَِلالاتها، وما توحي إليه من اللطائف والظلال، فالقرآن نزل بلسان عربي مبين، فكلما ازداد الإنسان معرفة باللغة العربية استطاع أن يفهم القرآن بطريقة أفضل، وأدرك مِنْ بلاغته وإعجازه ما يُحَرِّكُ القلوبَ ويُبْهِرُ الألباب.
10ـ ومما يعين على التدبر: أنْ يربطَ الإنسانُ بين آياتِ القرآنِ والواقعِ الذي يعيشُهُ، ويجعلَ من الآيات منطلقاً لإصلاح حياتِه وواقعِه، وميزاناً لمن حوله وما يحيط به.
وذلك من غير تكلُّفٍ وتمحُّل في إنزال الآيات على الواقع.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 126