نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1219
أولاً: ليدفع عن المؤمنين الأذى والفتنة التي كانوا يسامونها، وليكفل لهم الأمن على أنفسهم وأموالهم وعقيدتهم. فاعتبر الاعتداء على العقيدة والإيذاء بسببها، وفتنة أهلها عنها أشد من الاعتداء على الحياة ذاتها. فالعقيدة أعظم قيمة من الحياة وفق هذا المبدأ العظيم. وإذا كان المؤمن مأذوناً في القتال ليدفع عن حياته وعن ماله، فهو من باب أولى مأذون في القتال ليدفع عن عقيدته ودينه. وقد كان المسلمون يسامون الفتنة عن عقيدتهم ويؤذون، ولم يكن لهم بد أن يدفعوا هذه الفتنة عن أعز ما يملكون. يسامون الفتنة عن عقيدتهم، ويؤذون فيها في مواطن من الأرض شتى.
ثانياً: لتقرير حرِّية الدَّعوة - بعد تقرير حرِّية العقيدة - فقد جاء الإسلام بأكمل تصوُّر للوجود والحياة، وبأرقى نظام لتطوير الحياة. جاء بهذا الخير ليهديه إلى البشرية كلِّها، ويبلغه إلى أسماعها وإلى قلوبها. فمن شاء بعد البيان والبلاغ فليؤمن ومن شاء فليكفر. ولا إكراه في الدين. ولكن ينبغي قبل ذلك أنْ تزول العقبات من طريق إبلاغ هذا الخير للناس كافَّة؛ كما جاء من عند الله للناس كافَّة. وأنْ تزول الحواجز التي تمنع النَّاس أنْ يسمعوا وأنْ يقتنعوا وأنْ ينضموا إلى موكب الهدى إذا أرادوا. ومن هذه الحواجز أنْ تكون هناك نُظُم طاغية في الأرض تصدُّ النَّاس عن الاستماع إلى الهدى وتفتن المهتدين أيضاً. فجاهد الإسلام ليحطِّم هذه النُّظُم الطَّاغية؛ وليقيم مكانها نظاماً عادلاً يكفل حرِّية الدَّعوة إلى الحقِّ في كلِّ مكان وحرِّية الدُّعاة.
ثالثاً: جاهد الإسلام ليقيم في الأرض نظامه الخاص ويقرِّره ويحميه، وهو وحده النِّظام الذي يحقِّق حرِّية الإنسان تجاه أخيه الإنسان؛ حينما يقرر أنَّ هناك عبودية واحدة لله الكبير المتعال، ويلغي من الأرض عبوديَّة البشر للبشر في جميع أشكالها وصورها. فليس هنالك فرد ولا طبقة ولا أمة تشرع الأحكام للناس، وتستذلهم عن طريق التشريع. إنَّما هنالك ربٌّ واحد للناس جميعاً هو الذي يشرع لهم على السَّواء، وإليه وحده يتَّجهون بالطَّاعة والخضوع، كما يتَّجهون إليه وحده بالإيمان والعبادة سواء.
لم يحمل الإسلام السَّيف إذن ليكره النَّاس على اعتناقه عقيدة؛ ولم ينتشر السيف على هذا المعنى كما يريد بعض أعدائه أن يتهموه! إنَّما جاهد ليقيم نظاماً آمناً يأمن في ظلِّه أصحاب العقائد جميعاً، ويعيشون في إطاره خاضعين له وإن لم يعتنقوا عقيدته ([12] (http://www.ahlalloghah.com/#_ftn12)).
قال الشيخ علي الطنطاوي: إنَّ الذين يحسبون الجهاد عدواناً مسلحاً، لا يدرون ما الجهاد، الجهاد ليس حرباً هجوميَّة نعتدي فيها على النَّاس، والإسلام إنَّما جاء لإقرار العدل وتحريم العدوان، وليس الجهاد حرباً دفاعيَّة بالمعنى العسكريِّ، فما احتلَّ الكفار مكة ولا المدينة، ولكن مَثَل الجهاد كقطر كبير أصابه القحط، فشحَّت الأقوات وعمَّ الجوع، وفشت الأمراض وقلَّ الدواء، فجاء مَنْ يحمل المدد إلى الجائعين، والدواء إلى المرضى لينقذهم مما هم فيه، فوقف في الطريق ناس يمنعونهم، يحولون بينهم وبين هذا الخير وهذا العمل الإنساني، فقالوا لهم: تعالوا شاركونا فيما نعمل تكونوا منَّا، ولكم ما لنا وعليكم ما علينا، فأبوا عليهم، فقالوا لهم: دعونا نمرّ ونحن ندافع عنكم، لا نكلِّفكم قتال عدو ولا بذل روح، على أن تمدونا بشيء من المال قليل. قالوا: لا. فلم يبقَ إلا أن يقاتلوهم، أن يقاتلوا هذه الفئة القليلة التي تمنع الخير عن النَّاس، يقاتلون أفراداً لينقذوا أمماً، وكان ذلك هو الجهاد ([13] (http://www.ahlalloghah.com/#_ftn13)).
([1]) ـ انظر المستدرك على الصحيحين كتاب المغازي والسرايا رقم (4290)، ودلائل النبوة للبيهقي رقم (1272).
([2]) ـ انظر صحيح البخاري كتاب المغازي رقم (3944)، السنن الكبرى للبيهقي 9: 121.
([3]) ـ رواه مالك في كتاب الجهاد رقم (857)
([4]) ـ رواه ابن أبي شيبة في المصنف 7: 654، وأبو داود في كتاب الجهاد برقم (2247) باختلاف يسير.
([5]) ـ رواه مالك في كتاب الجهاد رقم (858).
([6]) ـ زاد المعاد 1: 178.
([7]) ـ رواه الطبري في تفسيره رقم (5817).
([8]) ـ المجموع 14: 285.
([9]) ـ تفسير الطبري 14: 40.
([10]) ـ تفسير الطبري 14: 574.
([11]) ـ خصائص التصور الإسلامي ومقوماته: 17.
([12]) ـ في ظلال القرآن 1: 273 باختصار وتصرف.
([13]) ـ فصول في الدعوة والإصلاح: 136.
ـ[محمد بن إبراهيم]ــــــــ[15 - 01 - 2011, 12:19 م]ـ
جزاكم الله خيرًا.
وهذا لا ينقص من قيمة جهاد السيف والسنان، فإن مما اختص به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أنه نصر بالرعبِ يقذفه الله في قلوب أعدائه.
ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[15 - 01 - 2011, 04:45 م]ـ
يا أخي هداك الله اقتصر على نقل كلام العلماء وأرحنا من المفكرين المنحرفين، ولا تقذف على الناس شبهات وأشياء كانوا في عافية منها.
والإسلام أعطى الحرية الكاملة لاعتقادات النَّاس،
هذا كلام مجمل، والإجمال في الكلام طريقة أهل البدع، ولست أعني أنك منهم، وهذا الكلام يردده الزنادقة والملاحدة، يريدون به أن لكل إنسان أن يختار ما شاء من الأديان، لم يلزمه الله ورسوله باتباع الإسلام، وعليه فلا يعيب المسلم على الكافر كفره، ولا يشنع عليه ويعاديه بذلك، وهذا غاية الضلال والخسران.
والآية التي استشهدت بها فيها أقوال فلا تحملها على المحمل الذي تريد، وارجع إلى أقوال العلماء فيها.
فمن أقوالهم فيها أن المشركين يقاتَلون ويكرَهون على الدخول في الإسلام أو يقتلون, ولا يُقبل منهم جزية أو غيرها، والرسول صلى الله عليه وسلم قاتل المشركين حتى دخل في الإسلام من دخل منهم وقتل من قتل منهم على الشرك، ولم يأخذ منهم جزية.
ومن أقوالهم أن الآية للإخبار وليس المراد منها النهي، والمعنى: أنك لا تستطيع أن تكره أحدا على اعتقاد الحق في قلبه وإن أظهر لك موافقتك بلسانه.
ولعلي أعود إن شاء الله لنقل جملة صالحة من كلام علماء السنة في حرية الاعتقاد التي يرددها الزنادقة والملاحدة.
والله أعلم.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1219