responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1184
إن لم تكن .. ولا تريد أن تكون .. ؛ فكن: متبعا على سبيل نجاة
ـ[أم محمد]ــــــــ[03 - 02 - 2011, 10:01 م]ـ
البسملة1

((وَرَدَ عن الصَّحّابي الجَليْل عَليِّ بنِ أبي طَالبٍ ضِمْنَ وَصِيَّةٍ جَمِيْلةٍ جَليْلةٍ أدَّاهَا لأَحَدِ أصْحَابِهِ -وهو كُمَيْلُ بن زِيَاد-، أنَّه قَال لَهُ -مِن ضِمْنِ ما قَال-: «النَّاسُ ثَلاثةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌ، وَمُتَّبِعٌ عَلى سَبِيْلِ نَجَاةٍ، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ أتْبَاعِ كُلِّ نَاعِقٍ».
لا يخرُجُ النَّاسُ -كيفَمَا كانُوا، وأيْنَمَا كانُوا- عَنْ هَذهِ الأصْنَافِ الثَّلاثَةِ.
«عالمٌ ربانِيٌ»: أيْ منْسُوبٌ إلى الرَّبِّ العَظيم -جَلَّ جَلالُه-، ويُربي النَّاسَ عَلى ذَلك.
أو «مُتَّبِعٌ عَلى سَبِيْلِ نَجَاةٍ»: لَيْسَ مُقَلِّدَا، ولا مُتَعَصِّبًا، ولا مُتَحزِّبًا، وإنَّما يُريدُ اللهَ والدَّارَ الآخرةَ؛ لأنَّهما عنوان النَّجاة، وما سوى ذاك؛ فإِلى الخُسران المُبين، بِقدرِ تَخلُّفِه عن هذا؛ يَنالُه مِن ذاك؛ فمُقلٍّ أو مستكثر.
والصِّنف الثَّالث: «همجٌ رعَاعٌ، أتباعُ كلِّ ناعِقٍ»: ليست عندهم القواعدُ العِلميَّة، ولا الأصولُ الشَّرعيَّة، ولا السُّبُل والأُسس المَرعيَّة، في إطار الشَّريعة الإسلاميَّة، وإنَّما يَصيحون مع كلِّ مُنادٍ، ويَتيهون في كلِّ وادٍ، همجٌ رَعَاعٌ، ليس مِن عِلمٍ يُحرِّكُهم، ولا مِن شريعةٍ تدفعُهم، أتباعُ كلِّ ناعقٍ، بِقدر ما كان نُعاق هذا النَّاعق أشدَّ، وبقدر ما كان صِياحُه أعلى؛ بِقدرِ ما وجد مِن الأَتباع أكثر، ومِن الأعداد أوفر.
وكلُّ ذي عقلٍ، وكلُّ ذي نُهًى يرفض أن يكون كهذا الصِّنف الثَّالث، وإن كان -عند غلبةِ العواطف، وعند ثورة الحماسات- قد يكون منهم، أو بينهم، أو المقدَّم فيهم؛ فلْيُراجع نفسَه، وليتأمل مواضِعَ قَدَمَيْه، وحركاتِ فُؤادِه، وتحرُّكات لسانه؛ حتى لا يكون عنده مِن الإثم، ومِن المخالفة بِقَدر ما عنده مِن التَّبعيَّة والعصبيَّة والجهل والحَمِيَّة.
وكذلك في حال رفضِه أن يكونَ مِن هذا الصِّنف الثَّالث؛ فإنَّه بما آتاه الله مِن عقلٍ يَعرف أنه ليس مِن أهل الصِّنف الأوَّل.
فالصِّنف الأوَّل: هم العلماء الرَّبانيون، الذين يجبُ على الأمَّة أن تتَّبعهم، لا تعصُّبًا وإنَّما تسنُّنًا، ولا تحزُّبًا وإنَّما ثباتًا واستقامةً على شرعِ الله، وعلى كِتابِ الله، وعلى سُنَّة رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.
وإذ هو لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء؛ فإنَّه يَسعى جهدَه، ويبذلُ وُسعَه في أن يكون مِن الوسط بين البَيْنَيْن، ليس هو أهلًا لأن يكون عالِمًا ربَّانيًا، ويستنكف ويأنفُ أن يكونَ مِن الهمج الرَّعَاع -وما أكثرَهم في البلاد والأصقاع! وللأسف الشَّديد! -.
لكنْ: إذْ قد رضي أن يكون مِن الصِّنف الوسط، اتِّباعًا على سبيل نجاة ..
فهل هذا الصِّنف الوسط يُنال بالأمانيِّ؟
يُنال بالأحلام؟
يُنال بالرُّؤى والمنام؟!!
لا بُدَّ له حتى أن يكون منه مِن بذل جهدٍ، ومجاهدةِ نفسٍ، ومُصابرةٍ في طلب العلم، وثباتٍ على أمرِ الله، ولو كانت داخلةُ نفسِه تَأبى عليه في بعضِ الأمرِ إلا أن يَسلكَ بعضَ السُّبُل، وأن يتَّبِع بعضَ الطُّرق -ولو كانت على غيرِ هدىً مِن الله، وعلى غير استقامةٍ لأمرِ الله-؛ فمثلُ هذا ينبغي أن يَدفعَه، وأن يُدافع نفسَه عنه، وليتذكَّرْ -دائمًا- قول الشَّاعر -مُذكِّرًا به نفسَه وغيرَه-:
فهذا الحقُّ ليسَ بهِ خَفاءُ ... فدَعْنِي مِن بُنَيَّاتِ الطَّريقِ
هذه -كلُّها- مِن بُنيَّات الطَّريق، من السُّبُل المنعرِجةِ والمتعرِّجة، والقصيرة غيرِ المستقيمة التي تكونُ على جانِبَي الصِّراطِ القويم، والنَّهجِ المستقيم الذي أمرَ اللهُ به ليتَّبعه رسولَه الكريم - صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين -، وهو نفسُه الذي أمرَ اللهُ به، وهو الذي أمرَ رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- به أمَّتَه وأَتباعَه وأصحابَه وإخوانَه -مِن بَعدِه- صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم -.
أن تَكونَ مُتَّبِعًا على سبيل نجاة؛ فإنَّ هذا يحتاج جِهادًا للنَّفس، واللهُ -تَعالى- يَقولُ: ?وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا?، ويَقولُ النَّبيُّ الكريمُ -صلَّى اللهُ عليهِ وعَلى آلِه وصحبِهِ أجمَعينَ-: «المُجاهِدُ مَن جاهَدَ هَواهُ في ذاتِ اللهِ».
وليست مجاهدةُ الهوى -أيُّها الإخوة- دائمًا تكونُ مجاهدةً للشَّهوات؛ فقد تكون -في بعض الأمرِ- مُجاهَدةً للشُّبُهات، وهي أجلُّ مِن ذلك وأعظمُ بدرجاتٍ ودرجاتٍ.
سهلٌ أن تُجاهِدَ شَهوتَك -إذا وفَّقك الله-؛ ولكنْ: ليس مِن السَّهل أن تُجاهد الشُّبهةَ، التي قد تَرِدُ عليك -أو إليك-؛ فتَفتنُك، وعن جادَّة الحقِّ والصَّواب تُبعدك!)).

[اقتبسته من محاضرة مفرَّغة لفضيلة الشيخ المحدِّث علي بن حسن -حفظه الله- بعنوان: (كلمة حول أحداث مصر) من موقعه الرسمي].
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست