نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1158
وقد ذكر النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- هذه العلَّة في هذا الحديث: وهي المضاهاة بخَلْق الله؛ لأن الله -تَعالَى- له الخلقُ والأمر، وهو خالق كل شيء، وهو الذي صوَّر جميع المخلوقات، وجعل فيها الأرواح التي تحصل بها الحياة؛ كما قال -تَعالَى-: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ - ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ - ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [السجدة: 7 - 9].
فالمصوِّر لمَّا صوَّر الصُّورة على شكلِ ما خلَقَهُ الله -تَعالَى-مِن إنسانٍ، وبهيمةٍ-؛ صار مُضاهيًا لِخلْقِ الله؛ فصار ما صوَّرَه عذابًا له يوم القيامة، وكُلِّف أن ينفخَ فيه الرُّوحَ، وليس بنافخٍ! فكان أشدَّ النَّاس عذابًا؛ لأنَّ ذنبه مِن أكبر الذنوب.
وقد قسَّم النَّووي [2] -رحمه الله- المصوِّرين إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مَنْ صنع الصُّورةَ لِتُعبَدَ من دون الله، كالذين يَصنعون الأصنام؛ فهذا كافر، وهو أشدُّ النَّاس عذابًا.
القِسم الثَّاني: مَنْ لم يقصد أن تُعْبَدَ الصُّورةُ؛ ولكنَّه قصَد مُضاهاةَ خلْقِ الله؛ فهذا -أيضًا- كافر، وله مِن شدَّة العذاب ما لِلكافر.
القِسم الثالث: مَنْ لم يقصد العبادةَ ولا المضاهاةَ، فهذا فاسِق صاحب ذنبٍ كبير.
ثالثًا: يحرم التَّصوير؛ لما يَجرُّ إليه مِن الافتِتان بالصُّورةِ الجميلة للنِّساء، خصوصًا: النِّساء الخليعات المتبرِّجات العاريات، وشبه العاريات؛ كالصُّور التي تنشر في الأفلام وبعض الصُّحف والمجلات؛ فإن هذه الصُّور تدعو إلى فسادِ الأخلاق، وانتشار الجريمة، وكذا عرض صُور الرِّجال أمام النِّساء مما يَدعوهنَّ للافتتان بهم، وقد أصبح هذا اللَّون من الصُّور مِن أعظم الفتن التي أفسدت الأخلاق.
وقد ورد في التَّصوير أنواعٌ مِن الوعيد:
منها: لَعنُ المُصوِّرين، وأنَّهم أشدُّ النَّاس عذابًا يوم القيامة، وأنَّه يُقال للمُصوِّرين: «أَحْيُوا ما خَلَقْتُم»، وأنَّهم يكلَّفون أن ينفخوا الرُّوحَ في الصُّور التي صوَّروها، وأن المُصَوِّر يُعذَّب بكلِّ صورةٍ صوَّرها في الدُّنيا؛ يُجعل له نفسٌ يعذَّب بها، وأن المُصوِّر أظلم الظالمين.
وكما يحرم التَّصوير؛ يحرم استعمال الصُّور والاحتفاظ بها للذِّكريات، وتعليقها على الجُدران، أو وضعها على طاولات التَّجميل -سواء كانت تماثيل أو رسومًا- [3]، وصحَّ في الحديث: «أن الملائكةَ لا تَدخُلُ بيتًا فيه صُورةٌ» [4].
وكذا يحرم بيع الصُّور وأكلُ ثمنِها؛ فيجب على المسلمين الحذرُ مِن ذلك؛ خُصوصًا تلك الأفلام الخليعة التي تعرض على شاشة الفيديو، وهي تشتمل على صُوَر متحرِّكة عارية، أو على صُورٍ تَعرض الفحش والإجرامَ، وتدعو إلى الرَّذيلة وتدمير الأخلاق -فقد غُزي كثيرٌ مِن البيوت والعائلات بهذا السِّلاح المدمِّر-، وكما يحرم استعمالُ هذه الأفلام؛ يحرم بيعُها وترويجها، ويجب إتلافُها والتَّنكيل بمَن يبيعها، أو يستعملها؛ تَجنيبًا للأمَّة من مخاطرها.
وفَّق الله ولاةَ أمور المسلمين لِمنع هذه الأفلام مِن الدُّخول إلى ديار المسلمين، والأخذ على يدِ السُّفهاء والعابثين، وهذا مِن أعظم النَّصيحة، والله الموفق.
والحمدلله رب العالمين
(1) رواه البخاري (5953) كتاب اللباس / 90 - باب نقض الصور.
ومسلم (111) كتاب اللباس والزينة/26 - باب تحريم تصوير صورة الحيوان.
(2) "شرح صحيح مسلم" (14/ 91). [3] ما عدا الصور (الضَّرورية) في حفيظة النفوس، وجواز السفر؛ فلا بأس بها للضرورة. [4] رواه البخاري (3225)، ومسلم (2106)، من حديث أبي طلحة.
[نقلته -بحواشيه- من: «دروس من القرآن الكريم والسنة المطهرة»، للشيخ العلامة صالح الفوزان، (183 - 186)].
ـ[أم محمد]ــــــــ[15 - 03 - 2011, 08:46 م]ـ
وقال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- (كما في: "الفوائد المنتقاة"، الفائدة: 88):
أغراض المصوِّرين:
1 - لعبادتها. فهذه إعانة للكفر، ومَن رضي بالكفر واستباحه؛ فهو كافر. [2] - لإظهار حذقهم. وحُكمه: حرام. [3] - للعبث. وحُكمه: حرام، ولكنه في مرتبة دون الأولى والثانية.
إشكال: قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: " قال الله -تعالى-: ومَن أظلم ممن ذهب يخلق كخَلْقي ... " فهذا استفهام بمعنى النفي، ويرد كثيرًا في معاصٍ مختلفة؛ فكيف الجمع؟
فالجواب: من أحد وجهين:
1 - أن هذه تشترك في الأظلمية، فتكون في مستوى واحد، وهو في كونها في قمة الظلم. [2] - أن الأظلمية نسبية؛ كل نوع في نوعه، وليس في كل شيء.
أنواع التصوير:
1 - ما له ظل -أي: جسم-؛ كهيكل إنسان، أو حيوان. وهذا مُجمَع على تحريمه. [2] - ما ليس له ظل؛ كالتخطيط والتلوين؛ مثل الذي يرسم بيده صورة. وهذا حرام؛ لعموم النصوص، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أراد أن يدخل بيته، وجد نمرقةً فيها صُوَر، فتغير وجهه، فقالت عائشة: ماذا أذنبتُ يا رسول الله؟ قال: " إن أصحاب هذه التصاوير يُعذَّبون، يُقال: أحيوا ما خلقتُم "، وحديث: " إلا رقمًا في ثوب " إن صحَّت الزيادة؛ فتُحمل على ما يحل تصويره. [3] - التقاط الصورة بدون فعلٍ من الإنسان (الفوتوغرافية) التي لا تحمض، وهي محل خلاف.
والمختار: أنها إن كانت لغرض محرم؛ فحرام؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
وإن كانت لغرض مباح؛ فمُباحة؛ كالحفيظة والجواز.
والتصوير للذكرى -سواء للتمتع بالنظر إليه، والتلذذ به، أو الحنان والشوق إليه-؛ فهو حرام؛ لأن فيه اقتناء الصور. [4] - ما لا روح فيه، وهو على قِسمين:
1 - مما يصنعه الآدمي؛ فهو جائز بالاتفاق؛ مثل: تصوير السيارة. [2] - وما لا يصنعه الآدمي، وهو مِن خلق الله، وهو نوعان:
أ- نامٍ؛ وفيه خلاف؛ كالشجر. والجمهور على جوازه. والذين حرَّموه استدلوا بحديث: " فليخلقوا شَعيرة "، وأجاب الجمهور بحديث: " أمر أن ينفخ فيها الروح، وما هو بنافخ "؛ فدل على أنه مخصوص بذوات الأرواح.
ب- وغير نامٍ؛ كالجمادات؛ وهو جائز.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1158