نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1157
شرح حديث: " ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ... "
ـ[أم محمد]ــــــــ[05 - 02 - 2011, 06:34 م]ـ
البسملة1
شرح
حديث في تحريم التَّصوير
وشدة الوعيد عليه
لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله -
بسم الله، والحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، أما بعدُ:
الحديث:
عن أبي هريرة -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: قال رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «قال الله -تَعالَى-: ومَن أظلم ممَّن ذهب يَخلق كخَلْقي، فلْيَخْلُقُوا حبةً، ولْيخلُقُوا ذرةً، أو لِيَخْلُقُوا شعيرةً». (1)
[رواه البخاري ومسلم]
الشرح:
التَّصوير: إيجادُ صورة تُشبه شكلَ المخلوق، بأيِّ وسيلةٍ؛ سواء كان ذلك ببناءِ تِمثال على هيئة المخلوق، أو بِرسمِ صُورة تُشبهه على لوحةٍ أو ورقٍ أو قُماش أو جدارٍ، أو بِالتقاط صورتِه بالآلة الفوتوغرافية وتثبيتِها على شيء مِن ذلك.
والحديث يدلُّ على تحريم ذلك، وأنَّ مَن فَعله؛ فهو مِن أظلم الظالِمين، وأن العلَّة في ذلك: هي مُضاهاة خَلق الله، وهي محاولةٌ فاشلة آثِمة؛ فالمُصوِّر لن يصلَ إلى هذه الغاية -مهما حاول-؛ لأن الخلق والتَّصوير من خصائص الله -عزَّ وجلَّ-.
قال -تَعالَى-: {اللهُ خالِقُ كلِّ شيءٍ} [الرعد: 16]، وقال -تَعالَى-: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ} [النحل: 17]، وقال -تَعالَى-: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: 64]، ومن أسمائه (المصوِّر)، وقال -تَعالَى-: {هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: 11].
ولهذا عجز المصوِّرون -عُمومًا-مِن أول الخليقة إلى آخرها- لمَّا تحداهم فقال -عزَّ وجلَّ-: «فَلْيَخلُقوا حبَّةً»، «فَلْيَخلُقُوا ذَرَّةً أو ليخلُقُوا شَعيرةً».
وأخبر النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أن المصوِّر تُجمع له يوم القيامة صُوَرُه التي صوَّرَها في الدُّنيا ويُطالَب بنفخِ الرُّوح فيها؛ تعجيزًا له، وتعذيبًا له!
فيُطالَب تارةً بخَلقِ أصغر الحيوانِ؛ وهو الذرَّة، وتارةً بِخلقِ الجَماد؛ وهو الشَّعيرة -كما يحاول مضاهاةَ خلْقِ الله في الدُّنيا-.
فلْيسْتَعِدَّ لذلك المصيرِ المؤلِم: هؤلاء المُصوِّرون الذين اتَّخذوا التَّصوير حرفةً وفَنًّا أو دعايةً لترويج سِلَعِهم، أو صُحُفهم ومجلاتِهم.
ولْيستعدَّ لذلك المصيرِ المؤلِم: هؤلاء الذين يُحاوِلون إيجادَ الإنسان الآليِّ، ويتبجَّحون ببنائِه وإبرازِه.
والتَّصوير حُرِّم لعدة محاذير:
أوَّلًا: أنَّه مِن وسائل الشِّرك؛ فإن الشِّركَ أوَّل ما حدثَ في الأرض كان سببُه التَّصوير.
لما صوَّر قومُ نوحٍ رجالًا صالِحين بعد وفاتهم، ونصبوا صُورَهم على مجالسِهم -بإيحاءٍ مِن الشَّيطان-، فلما مضى فترةٌ من الزمان؛ عُبدت تلك الصُّور مِن دون الله، ولمَّا نهاهم نبيُّ اللهِ نوح -عليهِ السَّلام- عن عبادتِها؛ أصرُّوا عليها، وأبَوْا أن يَتركوها: {وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23].
وكذلك قوم إبراهيم كان شِركُهم بعبادةِ التَّماثيل، وقد أنكر عليهم خليلُ الله -عليهِ السَّلام- ذلك قال: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}، فاحتجوا بقولهم: {وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 53].
فالتَّصوير منشأ الوثنية؛ لأنَّ (الاحتفاظَ) بالصُّور -خصوصًا: صُوَر المعظَّمين-، ووضعها موضِع الإجلال -بتعليقها على الجُدران، أو إقامة التماثيل لها في الميادين-؛ يُسبب تعلُّقًا بها وتعظيمًا لها، يَؤُول -في النِّهاية- إلى عبادتِها.
ولهذا سدَّ الشَّارع هذا الطَّريقَ، وقطعَ هذه الوسيلة؛ فحرَّم التَّصويرَ، وتوعَّد عليه بأشدِّ الوَعيد، وأمرَ بِطمسِ الصُّور وإهانتِها وامتهانِها تَخلُّصًا مِن شرِّها، ولتجنيب الأجيال اللاحقة عظيمَ خطرِها.
ثانيًا: حرم التَّصوير؛ لِما فيه من مضاهاةِ خلقِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- الذي تفرَّد بالخلق.
فهذا المصوِّر يُحاول أن يوجِد ما يُشبه خلْقَ الله!
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1157