responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1123
سادسًا: مسألة السَّبِّ وما يترتَّب عليها مِن التَّكفير والتَّفسيق مِن المسائل التي لا يجوزُ التَّقليد فيها عند أهلِ البيت -كما صرَّحوا بذلك في مطوَّلات كُتبهم ومختصراتِها- فضلًا عن غيرهِم، فعلى فرض أنَّه قد صرَّح فردٌ مِن أفراد العُلماء مِن أهلِ البيت أو مِن غيرِهم بِجواز السَّبِّ؛ لا يجوزُ لأحدٍ أن يُقلِّد في ذلك؛ لأنَّ التَّقليد في المسائل الفرعيَّة العمليَّة، لا في المسائل العِلميَّة، ولا فيما يترتَّب عليها، فمَن رام اتِّباع الشَّيطان في سبِّ أهل الإيمان؛ فليقفْ حتى يجتهدَ في المسألة، ثم يعمل بما رجحَ له، ولا يُخالف كتاب الله وسُنَّة رسولِه وإجماع المسلمين في أهل البيت وغيرهم، وهو مُوثَق بربقة التَّقليد، قاصر الباع، حقيرُ الاطِّلاع، لا يَعقل الأدلَّة، ولا يعرف الحُجج. أفادَه الشَّوكاني في «إرشاد الغَبي إلى مذهبِ أهلِ البيتِ في صحبِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-» (ص92 - 93 - بتحقيقي).
سابعًا: ربما يُجاوز بعض الجهَّال من أهل عصرنا سب الصَّحابة، ويحكم على مَن لا يسب أنَّه ناصبي!!
وهذه قضيَّة أشدُّ من قضيَّة السبِّ؛ لأن ذلك الجاهل حَكم على أهلِ رسول اللهِ أجمع وعلى جميعِ العلماء مِن السَّلف والخَلف بالنَّصب؛ فيستلزم هذا الحكمُ تضليل أو تكفير جميع المسلمين، وليس بعد هذا الخذلان ولا أشنع مِن هذه الخصلة التي تَبكي لها عيون الإسلام، ويضحكُ لها ثغر الكُفران! أفادَه الشَّوكاني -أيضًا- في «إرشاد الغبي» (ص93).
وأخيرًا ...
ثامنًا: هذه نُقول مهمَّة عن أئمَّة أهل السُّنَّة، تُبيِّن ما قرَّرناه:
قال الإمامُ أحمدُ -رحمهُ اللهُ-: «ومِن السُّنَّة: ذِكر محاسِن أصحابِ رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- كلِّهم أجمعين، والكف عن الذي جرى بينهم، فمَن سبَّ أصحابَ رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، أو واحدًا منهم؛ فهو مُبتدع رافضيٌّ. حبُّهم سُنَّة، والدُّعاءُ لهم قُربة، والاقتداءُ بهم وسيلة، والأخذُ بآثارِهم فضيلة، لا يجوزُ لأحدٍ أن يذكرَ شيئًا من مساويهم، ولا يطعن على أحدٍ منهم، فمَن فعل ذلك؛ فقد وجب على السُّلطان تأديبُه وعقوبتُه، ليس له أن يعفوَ عنه؛ بل يعاقبه، ثم يستَتِيبه، فإن تاب؛ قُبل منه، وإن لم يتب؛ أعاد عليه العقوبةَ، وخلده في الحبس حتى يتوب ويُراجع» نقله ابنُه عبد الله في «السُّنَّة» (17).
وقال شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة في «الصَّارم المسلول» (ص568) -بعد أن ساقَ قولَ أحمد هذا-: «وحَكى الإمامُ أحمدُ هذا عمَّن أدركَه مِن أهل العلم، وحكاهُ الكرماني عنه، وعن إسحاق، والحميدي، وسعيد بن منصور، وغيرهم.
وقال الميمونيُّ: سمعتُ أحمد يقولُ: ما لهم ولمعاوية؟ نسأل الله العافيةَ، وقال لي: يا أبا الحسَن! إذا رأيتَ أحدًا يَذكرُ أصحابَ رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- بِسوء؛ فاتَّهِمهُ على الإسلام»؛ فقد نصَّ -رضيَ اللهُ عنه- على وُجوبِ تعزيرِه واستتابتِه حتى يرجع بالجَلد، وإن لم يَنتَهِ؛ حُبسَ حتى يموت أو يُراجع، وقال: ما أراهُ على الإسلام، وقال: وأتَّهِمه على الإسلام، وقال: أجبُن عن قتلِه.
وقال -رحمهُ الله- بعد قول إسحاق بن راهويه -المتقدِّم-: «وهذا قول كثير من أصحابنا منهم ابن أبي موسى، قال: ومن سب السلف من الروافض؛ فليس بِكُفؤٍ، ولا يُزوَّج، وهذا في الجملة قول عمر بن عبد العزيز، وعاصم الأحول، وغيرهما من التابِعين».
وفي «مسائل الإمام أحمدَ» (ص431 - ط. المكتب الإسلامي) رواية ابنه عبدِ الله أنَّه قال: «سألتُه عمَّن شتم رجلًا مِن أصحاب رسول اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلَّم-رضيَ اللهُ عنهم-؟ فقال أبي: أرى أن يُضربَ، فقلتُ: له حدٌّ؟ فقال: فلم يقف على الحدِّ إلا أنَّه قال: يُضرب، وقال: ما أراهُ إلا مُتَّهمًا على الإسلام».
وقال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّة في «الصارِم المسلول» (ص571): «قال أحمد في رواية أبي طالبٍ في الرجل يشتم عثمان: هذا زندقةٌ. وقال في رواية المروزي: مَن شتمَ أبا بكرٍ وعُمر وعائشةَ ما أراهُ على الإسلامِ».
قال القاضي أبو يعلى: «فقد أطلقَ القولَ فيه أنَّه يكفرُ بِسبِّه لأحدٍ من الصحابة، وتوقَّف في رواية عبد اللهِ وأبي طالبٍ عن قتله، وكمالُ الحدِّ وإيجابُ التَّعزير يقتضي أنَّه لم يحكم بِكُفرِه، قال: فيحتمل أن يحمل قوله: «ما أراهُ على الإسلام» إذا استحلَّ سبَّهم بأنه يكفُر بلا خِلافٍ، ويحمل إسقاط القتل على مَن لم يستحل ذلك؛ بل فعلهُ مع اعتقاده لتحريمِه كمَن يأتي المعاصي، قال: ويحتمل قوله: «ما أراهُ على الإسلام» على سبٍّ يطعن في عدالتِهم؛ نحو قولِه: ظلموا، وفسَقُوا بعد النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وسلم-، وأخذوا الأمر بغيرِ حقٍّ، ويحمل قولُه في إسقاطِ القتل على سبٍّ لا يطعن في دينِهم؛ نحو قولِه: كان فيهم قِلَّة علم، وقِلة معرفة بالسِّياسة والشَّجاعة، وكان فيهم شُحٌّ ومحبَّة للدُّنيا، ونحو ذلك، قال: ويحتمل أن يحمل كلامه على ظاهرِه، فتكون في سابِّهم روايتان؛ إحداهما: يكفر، والثَّانية: يَفسق»، وعلى هذا استقرَّ قول القاضي وغيره، حكَوا في تكفيرهم روايتان».
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست