نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1101
ولكنَّ المؤسِفَ: أنَّه بعد وفاة الشَّيخَين؛ اتَّجهَ بعضُ هذهِ الفِئةِ إلى النَّيل مِن بعض إخوانِهم مِن أهل السُّنَّة الدَّاعين إلى التَّمسُّك بما كان عليه سَلَفُ الأمَّةِ -مِن داخل البلادِ وخارجِها-، وكان مِن حقِّهم عليهم أن يَقبَلُوا إحسانَهم، ويَشُدُّوا أَزرَهُم عليه، ويُسدِّدوهم فيما حصل منهم مِن خطأ -إذا ثَبت أنه خطأ-، ثُمَّ لا يشغلون أنفسَهم بعمارة مجالِسِهم بِذكْرِهم والتَّحذير منهم؛ بل يَشتغِلون بالعِلم -اطِّلاعًا، وتعليمًا، ودعوةً-.
وهذا هُو المنهجُ القَويمُ للصَّلاحِ والإصلاحِ الذي كان عليهِ شيخُنا الشَّيخُ عبدُ العزيز بن بازٍ -إمامُ أَهْل السُّنَّةِ والجماعة في هذا العصر-رحمهُ اللهُ-.
والمشتَغِلون بالعلم مِن أهل السُّنَّة في هذا العَصْر قَليلون، وهم بِحاجةٍ إلى الازديادِ لا إلى التَّناقُص، وإلى التَّآلُف لا إلى التَّقاطُع، ويُقال فيهم مثل ما قال النَّحويُّون: «المُصغَّرُ لا يُصغَّر».
قال شَيخ الإسلامِ -في «مَجموع الفَتاوَى»، (28/ 51) -: «وتَعلمون أنَّ مِن القواعد العظيمةِ التي هي جُمَّاع الدِّين: تأليفُ القلوبِ، واجتِماعُ الكلمةِ، وصلاحُ ذات البَيْن؛ فإن اللهَ -تَعالَى- يقولُ: ?فاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ?، ويقولُ: ?وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقُوا?، ويقولُ: ?وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جَاءَهُمْ البَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظيمٌ?، وَأمثال ذلك مِن النُّصوص الَّتي تأمُرُ بالجماعةِ والائتِلاف، وتَنهَى عن الفُرقةِ والاختلاف.
وأهلُ هذا الأصلِ: هُم أهلُ الجماعة؛ كما أنَّ الخارجين عنه: هُم أهلُ الفُرقةِ».
وقد كتبتُ في هذا الموضوعِ رِسالةً بعنوان: «رِفقًا -أهلَ السُّنَّة- بِأهلِ السُّنَّة» -طُبعتْ في عام 1424هـ، ثم في عام 1426هـ، ثمَّ طُبعتْ ضِمن «مجموع كُتبي ورسائلي» (6/ 281 - 327) في عام 1428هـ-، أوردتُ فيها كثيرًا مِن نُصوص الكتابِ والسُّنَّة وأقوالِ العُلماء المحقِّقين مِن أهل السُّنَّة.
وقد اشتملت الرِّسالة -بعد التَّقديم- على الموضوعات التَّالية:
- نِعمة النُّطق والبيان.
- حِفظ اللِّسان مِن الكلام إلا في خيرٍ.
- الظَّن والتَّجسُّس.
- الرِّفق واللِّين.
- موقف أهلِ السُّنَّة مِن العالِم إذا أخطأ: أنه يُعذَر؛ فلا يُبدَّع، ولا يُهجَر.
- فِتنة التَّجريح والهَجر مِن بعض أهلِ السُّنَّة -في هذا العَصْر-، وطريق السَّلامة منها.
- بدعة امتِحان النَّاسِ بالأشخاص.
- التَّحذير مِن فِتنة التَّجريح والتَّبديع مِن بعض أهل السُّنَّة -في هذا العَصْر-.
ومما يُؤسَف له: أنَّه حصل -أخيرًا- زيادةُ الطِّين بِلَّةً؛ بتوجيهِ السِّهام لبعض أهل السُّنَّة تَجريحًا، وتبديعًا، وما تبع ذلك مِن تهاجُر؛ فتكرَّر الأسئلة: (ما رأيكَ في فلانٍ بدَّعه فلان؟)! و (هل أقرأُ الكتابَ الفلانيَّ لفلانٍ الذي بدَّعه فلانٌ؟)! ويقول بعضُ صِغار الطَّلبة لأمثالهم: (ما موقفكَ مِن فلانٍ الَّذي بدَّعه فلانٌ؟)! و (لا بُدَّ أن يكون لك موقفٌ منه؛ وإلا تركناك)!!!
ويَزدادُ الأمرُ سُوءًا: أن يَحصل شيءٌ مِن ذلك في بعض البلاد الأوروبيَّة -ونحوها- التي فيها الطُّلَّاب مِن أهل السُّنَّة بِضاعتُهم مُزجاةٌ، وهُم بِحاجةٍ شديدةٍ إلى تحصيل العلم النَّافع والسَّلامة من فِتنة التَّهاجُر -بسبب التَّقليد في التَّجريح-.
وهذا المَنهَج شبيهٌ بِطريقةِ الإخوان المسلمين الَّذين قال عنها مُؤسِّسُ حِزبهم: «فدَعوَتُكم أحقُّ أن يأتيَها النَّاسُ، ولا تأتي أحدًا ... ؛ إذْ هي جِماع كلِّ خيرٍ، وغيرُها لا يَسلم مِن النَّقص»!! [«مُذكرات الدَّعوة والدَّاعية»، (ص232)، ط. دار الشِّهاب، للشَّيخ حسَن البنَّا!]
وقال: «وموقِفُنا مِن الدَّعوات المختلفةِ -التي طَغتْ في هذا العَصْر ففرَّقت القُلوب، وبلبلت الأفكارَ-: أن نَزِنَها بِميزان دَعوتِنا؛ فما وافقها؛ فمرحبًا به، وما خالفها؛ فنحن براء منه»!!! [«مجموعة رسائل حسَن البنَّا»، (ص240)، ط. دار الدَّعوة، سنة1411هـ]
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1101