نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1086
من الملاحظات على بعض الناس، وربما وقع في هذا - أقول ربما وقع في هذا - بعض من ينتسب إلى العلم، وبعض المنسوبين إلى طلاب العلم مَن يأخذ الخبر أو يتلقى الخبر؛ فيرجف به، أو يزيد فيه وينقله، ولا يدري ما الذي يترتب عن هذه الإشاعات والإذاعات من الإفساد بين المؤمنين وبين طلاب العلم، وبخاصة إذا كان ما يُفترى ويُقال ويُلبَّس به، إذا كان منسوبًا إلى أحد من طلبة العلم أو العلماء؛ فإن هذا في غاية الخطورة.
على طلاب العلم - وبخاصة الصغار - أن يلزموا الأدب، وأن لا يُخرجوا الكلمة قبل أن يزنوها ويعرضوها على ميزان الشرع ويفكِّروا في عواقبها وما قد تنتهي إليه؛ فيزنوها.
يُروى عن بعض السلف .. عن علي -رضيَ اللهُ عنهُ-: وددت أن رقبتي مثل رقبة البعير؛ حتى أتمكن من إدراك كلمتي قبل أن تخرج.
الإنسان ربما يتكلم بكلمة توبق دنياه وآخرته، ربما يتكلم بكلمة تقع به في جهنم سبعين خريفًا، ربما يتكلم بكلمة لا يُلقي بها على بال تدخله النار وتحرمه من الجنة.
وإني ألاحظ -هذه الأيَّام- أن بعضَ الناس -الذين ربما يدَّعون أنهم من طلبة العلم- لا يتورَّعون في نقل الأخبار، وفي تقويل الإنسان ما لم يقل، وفي إلزامه بلوازمَ لا تلزمه. وربما طُرح سؤال في حَلقةٍ علمية -لا يُراد به وجه الله، ولا يُراد به خير-، ثم إذا سمع الجواب؛ زاد فيه وحرَّف وبدَّل وغيَّر، وقال: إنَّ فلانًا يقول كيْت وكيت!!
وهذا وقع معي أنا -الذي أحدثكم- مِن أناس يحسبون أنفسهم طلاب علم؛ فيُقوِّلون الإنسان ما لم يقل، ويرتِّبون على أسئلةٍ فسادًا؛ يقول قائلهم: ما حكم .. ما رأيكَ في المسألة الفلانية، فإذا أتيتَ بجواب؛ ذهب بها إلى زيدٍ من الناس، وقال: فلان -واللهِ- يعنيك بهذا الجواب!! وأنا أجبتُ جوابًا إيش؟ عامًّا، بموجب ماذا؟ سؤاله، وما علمتُ أنَّ سؤاله خبيث يَقصد به إيقاعَ الفتنة بين طلاب العلم!
هذا لا يفعله عاقل، لا يفعله إلا مَن بعقله خلل أو جنون، أو مريض، في قلبه مرض يحتاج إلى علاج بالقرآن، بذكر الله، بالعودة إلى الله، بعبادة الله، بالخوف من الله، باللجوء إلى الله.
تسألني سؤالا عامًّا -في مسألة عقدية أو منهجية-، ثم أجيبك بما أدين اللهَ به فيما يظهر مِن فهم سلفنا الصالح في ضوء الكتاب والسنة، ثم أنتَ تذهب إلى زيدٍ من الناس -وربما كان مِن طلبة العلم الذين أحبهم ويحبونني-، وتقول: فلان يقول فيك كيت وكيت! لأنه هو عندما طرح السؤال؛ لم يطرحه لوجه الله، وإنما يريد أن ينتزعَ جوابًا؛ لينزِّلَه على فهمه الخبيث، وطويَّته الفاسدة، وقلبه المريض الذي يحتاج إلى علاج.
والقلوب إذا فُتحت للفتن؛ فإنها -والعياذ بالله- تصبح مرتعًا لها. تُعرَض الفِتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا فأيما قلب إيش؟ أُشربها، ماذا؟ النتيجة: فهو يكون قلبًا أسود مرباد كالكوز مُجَخِّيًا؛ لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا. أنا أشبه قلوب هؤلاء بهذا؛ قلوب منكوسة.
تسأل سؤال علمي، ثم ترتب عليه -على الجواب- وتلزمني -يا أيها الجاهل! يا مَن هو أجهل من حمار أهله! - تُلزمني أنني أعني فلانًا من الناس؟! وربما كان هذا من إخواني في الله -طلاب العلم-؟! كيف تجرؤ على ذلك؟!! كيف تفتري؟!! هذا افتراء وكذب ودجل وسَفه لا يجوز أن يكون بين طلاب العلم، لا يجوز، ومَن كان هذا شأنه؛ لا يَسأل، لا يَسأل طلاب العلم، لا يطرح مسألة إلا إذا كان يريد بها وجه الله -سُبحانهُ وتَعالَى-، لا يجوز له أن يسأل مسألة إلا إذا كان يريد العلم بالفعل، ويريد وجه الله -تَبارك وتَعالى-، ويريد الحق، يجب أن يكون هدفه الحق. أما أن يكون كالمذياع يُلفِّق مِن هنا وهناك ويبني على ما يسمع أفكارًا لم تخطر ببال أحد!!
{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]. واللهِ غدًا ستقف بين يدي الله، وستحاسَب عن هذه الطويَّة الخبيثة التي أضمرتها عندما طرحتَ سؤالك المريض.
نعم، هناك أهل البدع ربما يسأل ويقصدون بالجواب، وهناك أهل الخرافات وأهل المعاصي مقصودون لا شك. لكن: تسألني سؤال ثم تلزمني أنني أعني فلانًا من إخواني طلاب العلم الطيبين الذين هم على المنهج الحق لمرض في نفسك؟!
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1086