قال الإمامُ الألبانيُّ -رحمهُ اللهُ- (*):
غَسلُ الميِّت
28 - فإذا مات الميِّتُ: وجبَ على طائفةٍ مِن النَّاسِ أن يُبادِروا إلى غَسلِه.
أمَّا المُبادَرةُ: فقد سبَق دليلُها في الفصلِ الثَّالثِ (المسألة 17، الفقرة هـ) (1).
وأما وجوبُ الغُسل؛ فلِأمرِه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- بِه في غيرِ ما حديثٍ:
الأوَّل: قوله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- في المُحرِم الذي وَقصَتْه ناقتُه:
«اغْسِلوهُ بماءٍ وسِدرٍ ..» الحديث ...
الثَّاني: قولُه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- في ابنتِه زَينب -رضيَ اللهُ عنها-:
«اغْسِلنَها ثلاثًا، أو خَمسًا، أو سَبعًا .. أو أكثر مِن ذلك ..» الحديث ...
29 - ويُراعَى في غسلِه الأمور التَّالية:
أوَّلًا: غسلُه ثلاثًا فأكثر، على ما يرَى القائِمونَ على غَسلِه.
ثانيًا: أن تكونَ الغسلاتُ وترًا.
ثالثًا: أن يقرنَ مع بعضِها سِدرٌ، أو ما يَقومُ مقامَه في التَّنظيفِ؛ كالأشنانِ والصَّابون.
رابعًا: أن يُخلَطَ مع آخر غسلةٍ منها شيءٌ من الطِّيب، والكافورُ أَولَى.
خامسًا: نقضُ الضَّفائرِ وغسلها جيِّدًا.
سادسًا: تسريح شَعرِه.
سابِعًا: جعله ثَلاث ضَفائِر للمرأة، وإلقاؤُها خَلفَها.
ثامنًا: البدء بِميامِنِه، ومواضِع الوُضوءِ منه.
تاسِعًا: أن يتولَّى غسل الذَّكر الرِّجال، والأُنثى النِّساء؛ إلا ما استثني -كما يأتي بيانُه-.
والدَّليلُ على هذه الأُمور: حديث أمِّ عطيَّةَ -رضيَ اللهُ عنها- قالتْ:
دخل علينا النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- ونحنُ نغسل ابنتَه [زَينب]، فقال:
«اغسِلنَها ثلاثًا، أو خمسًا، [أو سبعًا]، أو أكثر مِن ذلك، إن رأيتُنَّ ذلك». [قالت: قلتُ: وترًا؟ قال:
«نعم]، واجعَلنَ في الآخرةِ كافورًا، أو شيئًا مِن كافورٍ، فإذا فرغتُنَّ؛ فآذنَّني». فلما فرغنا آذنَّاهُ، فألقى إلينا حَقوَه، فقال: «أَشْعِرنَها إيَّاهُ» [تعني إزارَه [قالت: ومشطناها ثلاثةَ قُرون]، (وفي رواية: نقضْنَه ثم غَسلْنَه)، [فضَفرنا شَعرَها ثلاثةَ أثلاث: قَرنَيها وناصيتَها] وألقيناها خلفَها]، [قالتْ: وقال لنا: «ابدأن بِميامِنِها، ومواضعِ الوُضوءِ منها]».
عاشرًا: أن يغسل بخِرقةٍ أو نحوها تحت ساتِر لجِسمِه بعد تَجريدِه مِن ثيابِه كلِّها؛ فإنَّه كذلك كان العملُ على عهدِ النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، كما يُفيده حديث عائشة -رضيَ اللهُ عنها-:
«لما أَرادوا غسل النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- قالوا: واللهِ ما ندري، أَنُجرِّد رسولَ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- مِن ثيابِه كما نُجرِّد موتانا، أم نغسلُه وعليه ثيابَه؟ فلما اختَلفوا ألقَى اللهُ عليهم النَّوم، حتى ما منهم رجلٌ إلا وذَقنُه في صَدرِه، ثم كلَّمهُم مُكلِّمٌ مِن ناحيةِ البيتِ، لا يَدرونَ مَن هو: أنِ اغسِلوا النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- وعليه ثِيابُه، فقاموا إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- فغسَّلوهُ وعليه قميصُه، يَصبُّون الماءَ فوقَ القميص، ويُدلكونَه بالقَميص، دون أيديهم.
وكانت عائشةُ تقولُ: لو استقبَلتُ مِن أمري ما استَدبَرتُ؛ ما غسلَهُ إلا نِساؤُه».
حادي عشر: والغرضُ من سَتر جِسمه واستِعمال الخِرقة أن لا يُطلَّع على عَورتِه ولا تُمس، وعورة الرَّجل من السُّرَّة إلى الرُّكبة -على الصَّحيح-؛ لقولِه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «ما بينَ السُّرَّة والرُّكبة عَورة»، وقوله: «الفخذُ عَورة».
وأمَّا المرأةُ مع المرأة المسلمةِ -طبعًا-: فهي عَورةٌ إلا مَواطِن الزِّينة منها، وهي: الرَّأس والأُذن والنَّحر وأَعلى الصَّدر: موضع القِلادة، والذِّراع مع شيءٍ مِن العضُد: موضع الدُّملج، والقَدم وأسفل السَّاق: موضع الخَلخال، وما سِوى ذلك؛ فعَورةٌ؛ لا يجوزُ للمرأة -كالمَحارِم- أن تَنظُر إلى شيءٍ منها، ولا أن تُبديَه؛ لصريحِ قولِه -تَعالى-: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1081