responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 369
تفاهم فيها بتاتا.
ويورد د. أنيس نصا من قطرب النحوى العربى المعروف عن أصل الإعراب فى لغة العرب يقول فيه: "إنما أعربت العرب كلامها لأن الاسم في حال الوقف يلزمه السكون، فجعلوه في الوصل محركا حتى لا يبطئوا في الإدراج، وعاقبوا بين الحركة والسكون وجعلوا لكل واحد أليق الأحوال به، ولم يلتزموا حركة واحدة لأنهم أرادوا الاتساع، فلم يضيقوا على أنفسهم وعلى المتكلم بحظر الحركات إلا حركة واحدة". هذا هو النص الذى نقله إبراهيم أنيس عن كتاب "إحياء النحو" لإبراهيم مصطفى، الذى نقله بدوره عن كتاب السيوطى: "الأشباه والنظائر". إلا أن النص الوارد فى كتاب الزجاجى: "الإيضاح فى علل النحو" أطول من ذلك وأكثر تفصيلا. وقد أورد الزجاجى رأى قطرب فى سياق كلامه عن إجماع النحويين على أن وظيفة الإعراب توضيح وظائف الكلمات فى الجملة. يقول الزجاجى (الإيضاح فى علل النحو/ تحقيق د. مازن المبارك/ ط3/ دار النفائس/ 1399هـ- 1979م/ 79 - :
وواقع الأمر أن هناك فارقا ضخما بين ما قاله د. أنيس وما يقول به قطرب: فأنيس يزعم أن الإعراب لم يكن موجودا فى لغة العرب، ثم أوجده علماء النحو بعد الإسلام: فى نهاية القرن الأول الهجرى أو بداية القرن الثانى. أما قطرب فلم ينسب الإعراب إلى النحاة، بل إلى العرب. أى أن ذلك أمر أصيل عندهم، وليس شيئا طارئا كما يزعم أنيس. ومقصوده أن ظهور الإعراب أمر يقوم على التطور الطبيعى لا على القصد والتخطيط، واشترك فيه العرب جميعا كما يقع فى أية ظاهرة لغوية لا أنه انفرد به علماء النحو وحدهم واخترعوه اختراعا. وفضلا عن ذلك لم يشر قطرب من قريب أو من بعيد فى كثير أو قليل إلى أن النحاة عندنا تأثروا على نحو أو على آخر بالنحو اليونانى أو غير اليونانى.
ومن الواضح أن فيما قاله قطرب نسفًا لما زعمه د. أنيس، الذى عزا اختلاق الإعراب إلى النحاة، على حين أن قطربا، الذى كان قريب عهد بأولئك النحاة المظلومين، إذ كان من أهل القرن الثانى الهجرى، قد أرجعه كما رأينا إلى السليقة العربية. ولو كان الأمر على ما زعم أنيس لقد كان قطرب، ورأيه فى الإعراب هو ما نعرف، أول من يذكر هذا ويحتج به ويتخذه دليلا لا يُصَدّ ولا يُرَدّ على صحة ما قاله فى موضوع الإعراب. وأيا ما يكن الحال فقد انفرد قطرب بهذا الرأى ولم يقل به من النحاة أحد سواه طبقا لما ذكره الزجاجى فى النص الذى أوردنه آنفا.
أما قول قطرب إن هناك أسماء تشترك فى الإعراب وتختلف فى المعانى، مثل الأسماء التى تعقب "إن" و"لكن" و"لعل" و"ليت"، وأسماء تتفق فى المعنى وتختلف فى الإعراب، مثل خبر "ما" النافية، الذى قد يجىء مرفوعا، وقد يجىء منصوبا، فالرد عليه هو أن المعنى الذى يقصده النحاة ليس هو التوكيد الذى فى "إن"، والرجاء الذى فى "لعل"، والتشبيه الذى فى "كأن" ... إلخ، بل تحول الاسم من مبتدإ إلى اسم لهذه الحروف، أو أن يكون الاسم فاعلا، بمعنى أنه هو الذى يأتى بعد الفعل ويحقق الفعل أو يتحقَّق الفعل من خلاله، أو أن يكون مفعولا، بمعنى أنه هو الذى وقع عليه الفعل ... إلخ. أما ما يقوله قطرب فيحتاج إلى عدد غير متوفر من الحركات، إذ أنى لنا بالحركات الكافية إذا ما خصصنا كل كلمة بإعراب يقتصر عليها فلا تشاركها فيه كلمة أخرى؟ وبالنسبة إلى ارتفاع الاسم الواقع بعد "ما" النافية وانتصابه فأمره غير ما فهمه قطرب، إذ الارتفاع من عمل قوم، والانتصاب من عمل قوم آخرين، والأولون هم التميميون، والآخرون هم الحجازيون. وبالمثل ليس فى ارتفاع المستثنى وانتصابه عند مجىء المستثنى منه منفيا حجة لقطرب، إذ إن سبب ارتفاعه هو أنه بدل من المستتثنى منه، وانتصابه سببه إخراجه من المستثنى منه. وهكذا ترى أن الاسم قد ارتفع لوجه، وانتصب لوجه آخر مختلف ...
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 369
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست