responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 312
والسُؤالُ هو عن موضِعِ «وَاوَيْ»، ما هو؟ والّذي يتراءى? ـ والله أعلم ـ أنّها منصوبةٌ على الاشتغالِ، وناصبُها فعلٌ محذوفٌ يفسّره قولُه: (انصبه) المتأخّر، والتّقدير: وانصب واوي الجمع ومفعولٍ معه انصبْه.
فإن قيل: المعنى? ـ على? هـ?ذا ـ فاسدٌ؛ لأنّ الواوَ لا تُنصَب ولا تَنتَصِب، وإنّما ينتصبُ ما بعدَها؟!
قيل: هو كذ?لك؛ ومِن أجلِه قَدَّرْنا «تاليهما» بدلًا من «واوي»؛ ليصحَّ المعنى?، ويصيرُ التّقديرُ حينئذٍ: تاليَ واويِ الجمعِ والمفعولِ معه انصبه.
فإن قيل: لفظُ «تاليهما» في النّظمِ لا يُساعِدُ على? هـ?ذا التّوجيهِ؛ لأنّ الياءَ ـ الّتي هي موضعُ الإعرابِ ـ ساكنةٌ سكونًا ميِّتًا، فكأنّ الكلمةَ مرفوعةٌ؛ إذ لو كانت منصوبةً لظهرت عليها الفتحةُ؛ لخفّتِها؟!
فالجوابُ: أنّه يستقيمُ حملُ الكلمةِ على النّصبِ؛ بتقديرِ الفتحةِ على الياءِ؛ إجراءً لها مُجرى? نظيرتَيْها الضّمّة والكسرَة، وهو معروفٌ، حتّى? قال بعضُ المتقدّمين ـ أُرَاه الفرّاءُ ـ: إنّ تقديرَ الفتحةِ على الياءِ في مثلِه أحسَنُ الضّرائر.
وأيُّ نوعٍ مِن البدلِ هو؟ كأنّه بدلُ غلَطٍ؛ لأنّ تالِيَ الواوِ ـ وهو البدلُ ـ مبايِنٌ للواوِ الّتي هي المتلوُّ ـ وهي المبدَل منه ـ، غايةُ ما هنالك أنّ بينهما تجاوُرًا، والتّجاورُ ليس تطابُقًا ولا تجزُّؤًا ولا اشتمالًا، والبدلُ إذا كان مباينًا للمبدلِ منه احتَمَل أنّه بدلُ إضرابٍ، أو نِسيَانٍ، أو غَلَطٍ. أمّا الإضرابُ فالمعنى? يأباه؛ لأنّ المبدلَ منه حينئذٍ لا يتأتّى? إلّا والكلامُ به مستقيمٌ، غيرَ أنَّ المتكلِّمَ يريدُ أن يجعلَه في حكمِ المسكوتِ عنه، ويَصرِفَ السّامعَ إلى? غيرِه، فيُبدِلُ منه ما بعده على? سبيلِ الإضرابِ، ولو قدَّرْناه كذ?لك لم نخرُجْ مِن القضيَّة!
وإذًا فإمّا أنّه بدلُ نسيانٍ، أو بدلُ غلَطٍ!
أمَّا النّسيانُ فلا يكونُ أيضًا؛ لأنّ النّظمَ العلميَّ يُتَعَهَّدُ عادةً، وليس هو بكلامٍ مُرتَجَلٍ يلقيه الرّجل حيثُ تَضيقُ بعضُ مساربِ القِيلِ، وتخونُ الذّاكرة؛ ثُمّ ينتبه فيبدل.
وأمّا الغلطُ فالتّخريجُ عليه ضعيفٌ في تقديري.
وهل يمكِن أن يقالَ: إنّ «واوي» منصوبٌ على الاشتغالِ بعاملٍ ملائمٍ يفسّره العاملُ المحذوفُ المفسِّرُ لـ «تاليهما»، وكأنّه قال: اعتَبِرْ واوَيِ الجمع والمفعولِ معه (أو: عُدَّهُما، أو نحو ذ?لك)، انصب تاليَهما انصبه؟! لا أعهد نظيرًا لمثلِ هـ?ذا، والله أعلم!!
والأقربُ للمعنى? أن يقالَ: إنّ «واوي» منصوبٌ بمحذوفٍ، و «تالِيهما» مبتدأٌ مخبرٌ عنه بـ «انصبْه»؛ على الوجهِ المرجوحِ في بابِ الاشتغال، ويبقى? تفسيرُ المحذوفِ وسببُ حذفِه؟ كأنّه حُذِفَ؛ للعلمِ به، «وحذفُ ما يُعلَمُ جائزٌ»، وتقديرُه: عُدَّ، أو احسُب، أو اعتبر، أو نحوُ ذ?لك. وه?ذا التّخريجُ أشبهُ بنحوٍ ما، وضقتُ ذرعًا عن وجهٍ آخر صحيحٍ.
وإنّ في بيتَيِ النّاظمِ رحمه الله ههنا رَهَلًا ـ وأستغفر الله! ـ، ويتبيَّن ذ?لك بمعرفةِ المعنى?، والنّاظم رحمه الله يذكر لنا في هـ?ذا الموضعِ الواوين اللّتين ينتصب ما بعدهما، وهما:
ـ واو المعيّة، وينتصب بعدها الفعلُ المضارعُ؛ إمّا بـ «أن» مضمرةً على? قولٍ، وإمّا بها؛ على? آخر، وشرطُها أن تُسبَقَ بنفيٍ محضٍ، أو طلبٍ، وفي «الخلاصة»:
وبعد فا جوابِ نفيٍ أو طلبْ،،، محضيْن «أن» -وسَتْرُها حتمٌ- نَصَب
والواوُ كالفا إن تُفِدْ مفهومَ «مَعْ»،،، كـ «لا تَكُن جَلْدًا وَتُظهِرَ الجَزَعْ»
وهي مرادُ النّاظمِ بواوِ الجمع؛ أي: المعيّة.
ـ وواوُ المعيّة الّتي ينتصب بعدها المفعولُ معه؛ وهي في قولِ صاحب «الخلاصة»:
يُنصَبُ تَالِي الواوِ مفعولًا معَهْ،،، في نحوِ: «سِيرِي والطّريقَ مُسرِعَهْ»
فانتظم بيتُ النّاظمِ رحمه الله هـ?ذا التّقريرَ، واتّسع له أن يذكُر مثالَ المنصوبِ بعد واوِ المفعولِ معه، فذكره، وبقي عليه مثالُ واوِ الجمع، وشرطُ النّصبِ بعدها.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست