responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 2279
الله، قال: (سألت ذات يوم الشيخ محيي الدين عبد الحميد: لماذا لا تهتمّ بفهرسة ما تنشر يا مولانا؟ فأجاب: أمِنْ أجل خمسة عشر مستشرقاً أضيع وقتاً هو أولى بأن يصرف إلى تحقيق كتاب جديد) أو كما قال.

ومن ذلك وجد الطاعنون سبيلاً إلى الشّيخ للتنقّص من علمه، وكأنما أحسّ هو ذلك، فقال في مقدمة جواهر الألفاظ الذي نشره سنة 1350هـ = 1932م: (وعسيْتَ أن تغمطني حقي، وتجحد ما أسلفتُ لك من اليد في إخراج هذا الكتاب، وتقول: وماذا صنعتَ؟ وفيم أجهدتَ نفسك؟ ولكنك لو علمتَ أنني عرضت ألفاظ الكتاب على معاجم اللغة، لفظاً لفظاً؛ لأثبتها لكَ صحيحةً موثوقاً بها، وأنني ضبطت كلماته كلَّها، ورتّبتُ أبوابه، وجعلت لكلّ بابٍ منها اسماً يجمع شملَه، وعنواناً يدلّ عليه، لأدركتَ مقدار الذي بذلته من الجهد، ولم تستكثر عليّ أن أطالبك بكفاء هذه الصنيعة من الشّكر).

ومهما اختلف الناس في أمر هذا الرجل، وتقدير جهوده في نشر التراث فلا أظنّ أن أحداً يمارى في أن هذا الجيل كله، الذي تعلم النحو وعلّمَه، في شرق الدنيا وغربها مدينٌ للشيخ محيي الدين بدين كبير، يجب أداؤه: شكراً ودعاءً له بالمغفرة والرضوان، فقد غبر زمان وأتى زمان، وليس بين أيدي طلبة العلم من كتب النحو إلا ما أخرجه الشيخ محرّراً مضبوطاً، في أجمل صورة وأبهاها، وإن كثيرا من المعربين الذين يتقنون إعراب الشواهد وتوجيهها إنما أفادوا من إعراب ألفية ابن مالك، وإعراب الشواهد اللذين نثرهما الشيخ في حواشي ابن عقيل، وأوضح المسالك، وقطر الندى، وشذور الذهب، ودع عنك ما يقال من أنه أغار على إعراب فلان، أو سلخ توجيه فلان من الأقدمين، فقد قرأنا هذا وذاك، ووجدنا فضل الشيخ ظاهراً، وجهده واضحاً في ذكر الراجح من الآراء والمرجوح، والأخذ بيد القارئ إلى أرشد الأقوال وأصحها، إلى ما أفاض فيه من نسبة الشواهد، وشرح ما فيها من الغريب، والتعريف بالشعراء، وذكر سابق البيت أو لاحقه، مما لا يظهر المعنى إلا به، كل أولئك بعبارة فيها من حسن البيان، وجمال الأداء ما يغرى بقراءتها والاستزادة منها، بل إن بعض عبارات الشيخ رحمه الله قد صارت من المحفوظات المأثورات، مثل قوله: (لم نقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين).

وقد رُزِقتْ مطبوعات الشيخ النحوية الحُظوة والقبول، والذيوع والانتشار؛ لإخلاص النية فيها، وسخاء الجهد المصروف إليها، وهذا كتاب شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك الذي أخرجه أول مرّة سنة 1350هـ يطبع الطبعة الخامسة عشرة سنة 1392هـ = 1982م، وقد أراد بعضهم مزاحمة الشيخ فنشر طبعة من هذا الشرح بتحقيق جديد يحمل اسمه، ولكن هذه الطبعة ماتت في مهدها، ولم يكد الناس يسمعون عنها شيئاً، فصارت هذه وتلك كالذي قاله النابغة:
بأنك شمس والملوك كواكب * إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
وقبل أن أذكر لك بعض الكتب التي قام الشيخ بتحقيقها ونشرها أحبّ أن أعلمك أنه ولد سنة 1318هـ = 1900م بقرية كفر الحمام، بمحافظة الشرقية، وتلقى تعليمه بمدينة دمياط، ثم التحق بالقسم العالي بالأزهر الشريف، وحصل على شهادة العالمية النظامية سنة 1925م، ودرّس بالقسم الثانوي بالأزهر، ودرّس بالسودان أيضاً، ثم كان أستاذاً بكلية اللغة العربيّة، فعميداً لها، وفي أثناء عمادته لكليّة اللغة العربيّة، سنّ سنّةً حسنة حيث زوّد طلاب الكلية بطائفة من أمهات كتب التراث، تكون ملكاً خاصاً لهم، منها: الكامل للمبرد، وأمالي أبي علي القالي، ومجمع الأمثال للميداني، والكشاف للزمخشري، وانتخب عضواً بمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1964م.
توفي رحمة الله عليه سنة 1393هـ = 1973م، وكان آية في الذكاء والفطنة، وحسن السمت، والغيرة على الأزهر، وتاريخه ورجاله، كما عُرِف عنه القصد في القول، وصونُ نفسه، وضبط تصرفاته، مما فسره بعضهم بأنه من باب الكِبْر والعجْب بالنفس.

¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 2279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست