responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 2248
سبحان الله .. لو تأمل الإنسانُ قليلاً لأدرك نعم الله عليه أن سخّر له هذا الصندوق يتخاطب به مع إخوة له في أصقاع الأرض، فيتعلّم ويثري. وكل شيء في هذه الدنيا يذكّر بالله جل جلاله، ولكن أين الذين يتفكرون ويتدبرون. جعلنا الله وإياكم منهم بمنّه وكرمه. فهاهنا مسألةٌ بُدئت بإعراب، وإذا بها تنتهي إلى فنون مشتبكة من درر العلم وفوائد اللغة.

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا ممن رضي عنهم وأرضاهم .. آمين.

أخي، أنا لا أقصد الإنكار والعياذ بالله. ومن أنا حتى أنكر؟!! لكن أرى أن العلماء حقا اختلفوا في مسألة رؤية الأعمال، أي هل ترى أو لا ترى، ولا علاقة للمعتزلة وأهل السنة في ذلك، لأن الاختلاف ليس بسبب عقيدة وإنما بسبب اختلاف فهم أو تأويل للآية، وهي تحتمل الوجهين. ثم ما علاقة إنكار الأعمال بإنكار رؤية الله عز وجل؟!!! بصراحة أنا لم أفهم العلاقة بين هذين هل من ينكر رؤية الأعمال ينكر رؤية الله والعياذ بالله؟!!. حبذا أخي لو نقلت لنا النص الذي فيه هذا الاختلاف العقدي بين أهل السنة والمعتزلة لأني بحثت فلم أجد شيئا من هذا. والظاهر أن الأعمال ترى ـ كما فهمت أنا من الحديث ـ والله أعلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ) هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وسأنقل لك أقوال بعض العلماء فيها، وسأبدأ بالزمخشري وهو من المعتزلة، يقول: (" يريهم الله أعمالهم حسرات " أي ندامات وحسرات: ثالث مفاعيل أرى ومعناه أن أعمالهم تنقلب حسرات عليهم فلا يرون إلا حسرات مكان أعمالهم "). فهذا المعنى تحتمله الآية، ولا علاقة للجانب العقدي فيها ولم يتطرق الزمخشري إلى ذلك أبدا!!.
قول القرطبي: (أي كما أراهم الله العذاب كذلك يريهم الله أعمالهم و {يريهم الله} قيل: هي من رؤية البصر فيكون متعديا لمفعولين: الأول الهاء والميم في {يريهم} والثاني: {أعمالهم} وتكون {حسرات} حال ويحتمل ان يكون من رؤية القلب فتكون {حسرات} المفعول الثالث) لاحظ أخي القرطبي ليس من المعتزلة ومع ذلك قال أولا عن الرؤية البصرية: (قيل) أي أن الكلام منقول ليس رأيه، أما رأيه فهو: (ويحتمل ...) أي الوجه الثاني وهو الرؤية القلبية، فهل هذا يدل على أنه من المنكرين لرؤية الأعمال؟!!! لا طبعا بل الأمر اختلاف فهم ووجهة نظر وتعدد تأويل والآية تحتمل الوجهين.
أخيرا أنقل لك أغرب ما قرأت في كتب التفسير حول إعراب ومعنى هذه الآية أن المفسر جعل الرؤية هنا بصرية لكن أنكر رؤية الأعمال بالبصر وفسرها على أنها رؤية عواقب الأعمال لا الأعمال نفسها، مع العلم أن المفسر ليس اعتزاليا، وإنما المسألة ـ كما قلت لك ـ اختلاف فهم. هذا المفسر هو ابن عاشور في كتابه: (التحرير والتنوير) وهو من العلماء وإذا اطلعت على تفسيره تجد له ميزة رائعة قلما نجدها في بقية التفاسير ألا وهي تدقيقه في المعاني اللغوية واستنباطه الجوانب الإعجازية منها حتى إننا نجده يقف على معاني بعض صيغ الزيادة التي عجز الصرفيون عن معرفة معناها. لن أطيل عليك، سأنقل لك نصه في هذه الآية: {والإشارة في قوله (كذلك يريهم الله) للإراءة المأخوذة من يريهم على أسلوب (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)
والمعنى أن الله يريهم عواقب أعمالهم إراء مثل هذا الإراء إذ لا يكون إراء لأعمالهم أوقع منه فهو تشبيه الشيء بنفسه باختلاف الاعتبار كأنه يرام أن يريهم أعمالهم في كيفية شنيعة فلم يوجد أشنع من هذه الحالة وهذا مثل الإخبار عن المبتدأ بلفظه في نحو شعري شعري أو بمرادفة نحو والسفاهة كاسمها وقد تقدم تفصيله عند قوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)
والإراءة هنا بصرية ولذلك فقوله (حسرات عليهم) حال من (أعمالهم) ومعنى (يريهم الله أعمالهم) يريهم ما هو عواقب أعمالهم لأن الأعمال لا تدرك بالبصر لأنها انقضت فلا يحسون بها}.
وبناء على هذا لا نقول إلا كما قال العلماء أي أن الرؤية هنا قد تكون بصرية وقد تكون قلبية بغض النظر عن الجانب العقدي واختلاف المذاهب. ووفقنا الله وإياكم لكل خير.

ـ[الفاتح]ــــــــ[09 - 07 - 2008, 06:51 م]ـ
السلام عليكم
أخي سهيل , هلاّ عللت لنا ما أشرتُ إليه
وما دمنا نتفيّأُ ظِلالَ اللغةِ الحبيبةِ؛ فسأكتبُ بالتشكيلِ ..
أشكرُ جزيلَ الشكرِ الأختين الكريمتين الأستاذةِ رنا والأستاذةِ عائشةَ على تفضُّلِهما بالجواب، وجعلَ ذلك في موازين حسناتِهما.
خطأٌ مني، والصحيحُ أنها مفعولٌ به ثالثٌ. وأما مسألةُ الرؤيةِ، فصحيحٌ ما تفضّلتي به أستاذةُ رنا من أنه لا مجالَ للرؤيةِ هنا، غيرُ أنَّ المعتزلةَ ينكرون رؤيةَ اللهِ - عزَّ وجلَّ - ورؤيةَ الأعمالِ يومَ القيامةِ. ومن هنا ردَّ عليهم أهلُ السّنةِ أنَّ الأعمالَ تُرى يومَ القيامةِ لورودِ الآياتِ - كما في الآيةِ التي معنا، وسورة (إذا زلزلت) - والأحاديثِ التي تثبتُ رؤيةَ الإنسانِ يومَ القيامةِ لعملِه. ومن ذلك ما ثبتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قالَ في شأنِ صاحبِ السِّوادَين والنَّعلَين، عبدِاللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه " أتعجبون من دقّةِ ساقَيه، لهما في الميزانِ أثقلُ عندَ اللهِ منْ جبلِ أُحُدٍ" أو كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم.
عفواً، لم أوضّحْ ذلك في مداخلتي، فقدْ كتبتُها على عجلٍ.
جزاكُما اللهُ عني خيرا ..
جزاك الله خيرا
تحيّاتي واحترامي
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 2248
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست