responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أصول الدعوة وطرقها 4 نویسنده : جامعة المدينة العالمية    جلد : 1  صفحه : 436
هكذا تتضح المسئولية في روعه غاية الوضوح؛ فموضوعها -إذن- هذا الدين الذي أتم الله به النعمة، وارتضاه للناس دينًا، وحاملها ليس مشرعًا ولا قاضيًا، إنما هو مُنَفِّذٌ للدين ومبادئِهِ، وهذا الوضع لا يمنحه أيَّ امتياز بحال، وإنما هو قال -كما ذكر في خطبته السابقة-: لست بخيركم إنما أنا رجل منكم.
والفارق الوحيد بينه وبين أفراد أمته هو أنه أثقلهم حملًا وهو -كما نرى- محسوب عليه، وليس محسوبًا له، ولهذا نرى حقًّا أن المسئولية لدى عمر بن عبد العزيز -رحمه الله -تبارك وتعالى- كانت واضحة غاية الوضوح.
أنتقل بعد ذلك إلى صورة سريعة أخرى لأنظر في المطلع الثاني من مسئوليات عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- وهو استغراقه في هذه المسئولية، بمعنى: أنه استغرق -رحمه الله تعالى- في مسئولياته، وأفنى جهده فيها؛ كي يخرج منها سالمًا بفضل الله -تبارك وتعالى- لذلك أقول: لقد احتوت عمر بن عبد العزيز المسئولية في خضمها، فنسي نفسه وأهله ودنياه وعالمه، نسي كل شيء سواها؛ لأنه يريد إرضاء الله -عز وجل- ويريد أن يقف بين يدي الله -تبارك وتعالى- وربُّه عنه راض، بل إنه رحمه الله نسي حقه في استشعار الرضا والأمن جزاء ما يقدم لدين الله ودنيا الناس من ولاه وبر، حتى حقه هذا نسيه في غمرة خوفه المشبوب من الله، لم يعد يذكر سوى مسئوليته الفادحة، وبدت له أعماله الشامخات كأنها ليست شيئًا مذكورًا، وسيطرت على شعوره وفكره صورة واحدة، تلك هي صورة موقفه بين يدي الله سبحانه، يسأله عن كل شيء قدمه، وعن كل فرضٍ من عبادته.
تقول فاطمة زوجه -رضي الله تعالى عنها-: لقد كان يذكر الله في فراشه فينتفض انتفاضة العصفور من شدة الخوف، حتى كانت تقول: ليصبحن الناس ولا خليفة لهم. ويقول علي بن زيد -رحمه الله -تبارك وتعالى- كان يبدو -ويعني بذلك: عمر بن عبد العزيز كان يبدو- وكأن النار لم تخلق إلا له.

نام کتاب : أصول الدعوة وطرقها 4 نویسنده : جامعة المدينة العالمية    جلد : 1  صفحه : 436
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست