نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 481
الشجاعة، الذي هو توسط بين الجبن والتهور، وعلى خلق الحلم، الذي هو توسط بين الغضب والمهانة وسقوط النفس. ومنشأ جميع الأخلاق الفاضلة من هذه الأربعة [1].
ومن كلام ابن القيم يتضح لنا أن التوسط أحد أركان أربعة يقوم عليه حسن الخلق، وهي الصبر، والعفة، والشجاعة، والتوسط، والتوسط عبر عنه ابن القيم بلفظ العدل الذي يحمل الإنسان على اعتدال أخلاقه، وتوسطه فيها بين طرفي الإفراط والتفريط، وإنما كان للتوسط هذه المكانة الجليلة، لأن كل خلق محمود مكتنف بخلقين ذميمين، وهو وسط بينهما، وطرفاه خلقان ذميمان، كالجود: الذي يكتنفه خلقا البخل والتبذير. والتواضع: الذي يكتنفه خلقا الذل والمهانة، والكبر والعلو فإن النفس متى انحرفت عن التوسط انحرفت إلى أحد الخلقين الذميمين ولا بد، فإذا انحرفت عن خلق التواضع انحرفت إما إلى قحة وجرأة، وإما إلى عجز وخور ومهانة، بحيث يطمع في نفسه عدوه، ويفوته كثير من مصالحه، ويزعم أن الحامل له على ذلك الحياء، وإنما هو المهانة والعجز وموت النفس.
وكذلك إذا انحرفت عن خلق الصبر المحمود، انحرفت إما إلى جزع وهلع وجشع وتسخط، وإما إلى غلظة كبد، وقسوة قلب، وتحجر طبع. وإذا انحرفت عن خلق الحلم انحرفت إما إلى الطيش والترف والحدة والخفة، وإما إلى الذلة والمهانة والحقارة ففرق بين من حلمه حلم ذل ومهانة وحقرة وعجز، وبين من حلمه حلم اقتدار وعزة وشرف، كما قيل:
كل حلم أتى بغير اقتدار ... حجة لاجي إليه اللئام
وإذا انحرفت عن خلق الأناة والرفق انحرفت إما إلى عجلة وطيش وعنف، وإما إلى تفريط وإضاعة، والرفق والأناة بينهما، وإذا انحرفت عن خلق الشجاعة [1] تهذيب مدارج السالكين (2/ 658)
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 481