نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 459
وقد جمعت الآيات السابقة الأخلاق والعبادة والاعتقاد.
إن علاقة الأخلاق بالعقيدة واضحة في كتاب الله، وقد بين -سبحانه وتعالى- الأخلاقيات الإيمانية التي ينبغي أن يكون عليها المؤمنون بلا إله إلا الله والأخلاقيات الجاهلية التي ينبغي أن ينبذها المؤمنون، والحقيقة أن التنديد (بأخلاقيات) الجاهلية قد بدأ من اللحظة الأولى، مع التنديد بفساد تصوراتهم الاعتقادية، واستمر معه حتى النهاية.
إن الأخلاق ليست شيئا ثانويا في هذا الدين، وليست محصورة في نطاق معين من نطاقات السلوك البشري، إنما هي ركيزة من ركائه، كما أنه شاملة للسلوك البشري كله كما أن المظاهر السلوكية كلها، ذات الصبغة الخلقية الواضحة، هي الترجمة العملية للاعتقاد والإيمان الصحيح، لأن الإيمان ليس مشاعر مكنونة في داخل الضمير فحسب ...
إنما هو عمل سلوكي ظاهر كذلك، بحيث يحق لنا حين لا نرى ذلك السلوك العملي أو حين نرى عكسه، أن نتساءل أين الإيمان إذن؟ وما قيمته إذا لم يتحول إلى سلوك؟ [1].
فمن وسطية القرآن في باب الأخلاق ربط الأخلاق بالعقيدة قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ *الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون: [1] - 11].
فالسورة تبدأ بتقرير الفلاح للمؤمنين بهذا التوكيد: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) ثم تصف هؤلاء المؤمنين ذلك الوصف المطول المفصل الذي يعني بإبراز الجانب الخلقي [1] انظر: دراسات قرآنية، لمحمد قطب (130).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 459