نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 455
فأقر بذلك مرتبة لعدل، ودرء العدوان ولكنه حث على العفو والصبر والمغفرة للمسيء على أن يكون مكرمة يرغب فيها، لا فريضة يلزم بها [1].
هذا واضح في مثل قوله تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [الشورى: 40].
وقوله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ) [النحل: 126].
ومن وسطية القرآن في الأخلاق: أنها أقرت التفاوت الفطري والعملي بين الناس، فليس كل الناس في درجة واحدة من حيث قوة الإيمان، والالتزام بما أمر الله به من أوامر، والانتهاء عما نهى عنه من نواه والتقيد بالمثل العليا.
فهناك مرتبة الإسلام، ومرتبة الإيمان، ومرتبة الإحسان وهي أعلاهن، كما أشار إلى ذلك حديث جبريل المشهور، ولكل مرتبة أهلها. وهناك الظالم لنفسه، والمقتصد، والسابق بالخيرات، كما أرشد إلى ذلك القرآن الكريم.
فالظالم لنفسه هو: المقصر، التارك لبعض الواجبات، المرتكب لبعض المحرمات.
والمقتصد هو: المقتصر على فعل الواجبات، وإن ترك المندوبات وعلى ترك المحرمات، وإن فعل المكروهات.
والسابق هو: الذي يزيد على فعل الواجبات، أداء السنن والمستحبات، وعلى ترك المحرمات وترك الشبهات، والمكروهات؛ بل ربما ترك بعض الحلال خشية الوقوع فيما يحرم أو يكره، وإلى هؤلاء يشير قوله تعالى في سورة فاطر: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [فاطر: 32]، فالآية الكريمة تجعل هؤلاء الأصناف الثلاثة -على تفاوت مراتبهم- من الأمة التي اصطفاها الله من عباده، وأورثها الكتاب.
ومن وسطية الأخلاق في القرآن لم تتصور في أهل التقوى أن يكونوا سالمين من [1] الخصائص العامة في الإسلام (166).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 455