responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 454
المبحث الرابع
ومن وسطية القرآن في الأخلاق الواقعية
إن منهج القرآن في الأخلاق واقعي، يراعي الطاقة المتوسطة المقدورة لجماهير الناس فاعترف بالضعف البشري، وبالدوافع البشرية، وبالحاجات الإنسانية؛ نفسية أو مادية لم يوجب القرآن الكريم ولا السنة النبوية على من يريد الدخول في الإسلام أن يتخلى عن ثروته وأمور معيشته، كما يحكي الإنجيل عن المسيح أنه قال لمن أراد اتباعه: بع مالك واتبعني، ولا قال القرآن ما قال الإنجيل: (إن الغني لا يدخل ملكوت السماوات حتى يدخل الجمل في سم الخياط).
1 - بل راعي الإسلام حاجة الفرد والمجتمع إلى المال، فاعتبره قواما للحياة، وأمر بتنميته والمحافظة عليه، وامتن القرآن بنعمة الغني والمال في غير موضوع، وقال الله لرسوله: (8. ... وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى) [الضحى: 8].
2 - ولم يجئ في القرآن ولا في السنة ما جاء في الإنجيل في قول المسيح: (أحبوا أعداءكم من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر .. ومن سرق قميصك فأعطه إزارك)، فقد يجوز هذا في مرحلة محدودة، ولعلاج ظرف خاص، ولكنه لا يصلح توجيها عاما خالدًا، لكل الناس في كل عصر، وفي كل بيئة، وفي كل حال، فإن مطالبة الإنسان العادي بمحبة عدوه، قد يكون شيئا فوق ما يحتمله، ولهذا اكتفى الإسلام بمطالبته بالعدل مع عدوه: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [المائدة: 8].
كما إن إدارة الخد الأيسر لمن ضرب الخد الأيمن، أمر يشق على النفوس، بل يتعذر على الناس أن يفعلوه، وربما جرأ الفجرة الأشرار على الصالحين الأخيار، وقد يتعين في بعض الأحوال ومع بعض الناس، أن يعاقبوا بمثل ما اعتدوا، ولا يعفى عنهم فيتبجحوا ويزدادوا بغيا وطغيانا.
ولهذا تجلت واقعية الإسلام حين شرع مقابله السيئة بمثلها بلا حيف ولا عدوان،

نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 454
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست