responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 439
إننا نحن المسلمون لدينا مرجع تفصيل واف بصحيح الأخلاق وفاسدها، وما يحمد منها وما يذم، وقد اتفقت على ذلك كلمة الرسل جميعا، لأن الأخلاق أحد الأصول المشتركة التي لا تتغير في دين الله -عز وجل- [1].
ولقد جاءت الأخلاق في هذا المنهاج على أسمى درجات السمو والارتقاء، لأن الله -سبحانه وتعالى- جعل نفسه (المثل الأعلى) لأخلاق المؤمنين، وطلب منهم أن يتخلقوا على نمط ما أعلمهم عن نفسه جل شأنه من رحمة، وود، وحلم، وعفون وسخاء، وإتقان، وإحسان، وشكر، وصبر، ومغفرة، وصدق، وعدل، ووفاء بالعهد، بل وبطش بأعداء الحق بعد المطاولة والإعذار، مع ملاحظة الفارق التام بين صفات الخالق والمخلوق في كل شيء. قال تعالى: (لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَللهِ الْمَثَلُ الأعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [النحل: 60].
ولقد نصب لهم من أنفسهم رسله الأكرمين فمعصمهم، وطهرهم، وكملهم، وجعلهم (المثل البشري الأعلى)، في التخلق بما أمر ورسم جل شأنه، وجعلهم خير قدوة، وأحسن أسوة لقومهم، وللناس أجمعين.
ومن الواضح أنه لا سبيل إلى مقارنة الخلق بالخالق، ففي جانبه تعالى الكمال مطلق، وهو وصف ثابت له، وفي جانبهم الكمال نسبي إضافي، ثم هو لهم غاية تطلب ويسعى إليها، فالرسل يتابعون الترقي نحوها، وعامة البشر يقاومون التدلي، ثم يبذلون الجهد ليبلغوا أقصى طاقتهم من الكمال الممكن لهم. وبذلك أتيح للأخلاق أعلى قدر من السمو والثبات، وإن حسن الخلق بالنسبة للمسلم هدف سامي يحرص عليه قربة لله تعالى لأن هدفه من ذلك رضا الله وطلب ثوابه، والخوف من سخطه وعقابه وبذلك اكتسب هذا المطلب قدسية دينية جعلت مزاولته من أعلى درجات الإيمان قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن من أكمل المؤمنين إيمان أحسنهم خلقا وخياركم خياكم لنسائهم" [2].

[1] انظر: المنهاج القرآني في التشريع (410).
[2] أخرجه الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في استكمال الإيمان (5/ 11 رقم 2612).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 439
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست