نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 438
وواضح أن الله تعالى يدعو إلى طريق الخير بما وصفه بالتقوى، وفلاح صاحبه، ويكره الطريق الآخر بما وصفه بالفجور، وخيبة صاحبه، ولو شاء منعه قهرا، ولكن حكمته اقتضت الاختيار والأخلاق لذلك تمثل جانبا خطيرا في الحياة الإنسانية؛ بل هي إحدى الميزات العظيمة التي تميز الإنسان [1].
إن الأخلاق كان لها في المنهج الرباني أهمية كبرى، فصاغها على وفق اتجاهه في الاعتقاد، وبناها على أساس الحقيقة الكبرى للكون والحياة، وغاية الجنس البشرية ومآله ومهمة وجوده من حيث هو خليفة في الأرض، يقيم فيها شريعة الله ومنهاجه.
ويبين القرآن الكريم مهمة الأخلاق الخطيرة مع الإنسان منذ النشأة الأولى، حين ذكر توبة أبينا آدم، وأنه ثاب إلى خلق رضي من أخلاق الإيمان وهو الاعتذار عن الخطأ، والاعتراف به، والافتقار إلى مولاه فقال هو وزوجه: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23].
ويقارن القرآن الكريم هذا الخلق بخلق مضاد له وه الاستكبار والإباء عن أمر الله -عز وجل- الذي أهلك إبليس، وطرده من رحمة الله عن سعتها [2].
تحديد الأخلاق:
من فضل الله علينا أنه تعبدنا بخلق محدد على ألسنة الرسل، ولم يتركنا لأحاسيس الفطرة وحدها التي قد تخطئ أو تضل أو تضلل، ولا لنظرات العقول، واجتهاد الأفكار البعيدة عن المنهج الرباني ولذلك تتضارب وتتباعد ويحث الغلو والجفاء، ويندر في هذا الباب المنهج الوسط، ولذلك فقد عنى القرآن به عناية خاصة، وجاءت الآيات تترى توضح هذا المنهج وتدعو إليه، وتربي الأمة عليه، وتحذر مما يضاده غلوا أو جفاء، إفراطا أو تفريطًا. [1] انظر: المنهاج القرآني في التشريع (409). [2] انظر: المرجع السابق (410).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 438