نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 34
وهناك من جعل (الوسطية) من التوسط بين الشيئين دون النظر إلى معنى الخيرية التي دل عليها الشرع.
قال الأستاذ فريد عبد القادر: (وقد شاع كذلك عند كثير من الناس استعمال هذا الاصطلاح الرباني، استعمالا فضفاضا يلبس أي وضع أو عرف أو مسلك أرادوه، حتى أصبحت الوسطية في مفهومهم تعني التساهل والتنازل.
وما ذكره الأستاذ فريد في تعريفه للوسطية، وكذلك ما نقله عن غيره ففيه نظر، ويتضح ذلك فيما سيأتي: لأن المتأمل في ما ورد في القرآن والسنة والمأثور من كلام العرب فيما أطلق وأريد به مصطلح الوسطية يتضح له أن هذا المصطلح لا يصح إطلاقه إلا إذا توفرت فيه صفتان:
1 - الخيرية: أو ما يدل عليها كالأفضل والأعدل أو العدل.
2 - البينية: سواء أكانت حسية أو معنوية.
فإذا جاء أحد الوصفين دون الآخر فلا يكون داخلا في مصطلح الوسطية، والقول بأن الوسطية ملازمة للخيرية -أي أن كل أمر يوصف بالخيرية فهو (وسط) - فيه نظر، والعكس هو الصحيح، فكل وسطية تلازمها الخيرية، فلا وسطية بدون خيرية، ولا عكس فلا بد مع الخيرية من البينة حتى تكون وسطا.
وكذلك البينية - أيضًا- فليس كل شيئين أو أشياء يعتبر وسيطا وإن كان وسطا، فقد يكون التوسط حسيا أو معنويا، ولا يلزم بالوسطية كوسط الزمان أو المكان أو الهيئية ونحو ذلك؛ ولكن كل أمر يوصف بالوسطية فلابد أن يكون بينيا حسا أو معنى.
ومن هنا نخلص إلى أن أي أمر اتصف بالخيرية والبينية جميعا فهو الذي يصح أن نطلق عليه وصف: الوسطية، وما عدا ذلك فلا، وإلى هذا الرأي ذهب الدكتور ناصر بن سليمان العمر في كتابه الوسطية في ضوء القرآن [1]. [1] انظر الوسطية في ضوء القرآن (41 - 42).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 34