نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 306
ولما كان الخلق يستلزم قدرة الخالق على المخلوق، وعلمه بتفاصيل خلقه أتبع ذلك بقوله: {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 79] فهو عليم بتفاصيل الخلق الأول وجزئياته، مواده وصورته، فكذلك الثاني، فإذا كان تام العلم، كامل القدرة كيف يتعذر عليه أن يحيي العظام وهي رميم؟ [1].
2 - ثم أكد الأمر بحجة قاهرة وبرهان ظاهر، يتضمن جوابًا عن سؤال ملحد آخر يقول: العظام إذا صارت رميمًا عادت طبيعتها باردة يابسة، والحياة لا بد أن تكون مادتها وحاملها طبيعة حارة رطبة بما يدل على أمر البعث، ففيه الدليل والجواب معًا، فقال: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 80] فأخبر سبحانه بإخراج هذا العنصر، الذي هو في غاية الحرارة واليبوسة من الشجر الأخضر الممتلئ بالرطوبة والبرودة، فالذي يخرج الشيء من ضده، تنقاد له مواد المخلوقات وعناصرها ولا يستعصي عليه، هو الذي يفعل ما أنكره الملحد ودفعه من إحياء العظام وهي رميم [2].
3 - ثم أكد هذا بأخذ الدلالة من الشيء الأجل الأعظم، على الأيسر الأصغر فإن كل عاقل يعلم أن من قدر على العظيم الجليل فهو قادر على ما دونه بكثير قال تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس: 81].
فأخبر أن الذي أبدع السموات والأرض على جلالتهما، وعظم شأنهما، وكبر أجسامهما، وسعتهما، وعجيب خلقهما، أقدر عليه أن يحيي عظامًا قد صارت رميمًا، فيردها إلى حالتها الأولى [3].
4 - ثم أكد تبارك وتعالى ذلك وبينه ببيان آخر، وهو أن فعله ليس بمنزلة غيره، الذي يفعل بالآلات والكلفة، والنصب والمشقة، ولا يمكنه الاستقلال بالفعل، بل [1] شرح العقيدة الطحاوية: (46). [2] اليوم الآخر، القيامة الكبرى، (82). [3] شرح العقيدة الطحاوية، (460).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 306