نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 224
بمحاب الله واختصهم من بين خلقه، وذكر دفع ما يناقضه، وأنه يكره أن يرجع عن دينه أعظم كراهة، تقدر أعظم من كراهة إلقائه في النار.
وأخبر في هذا الحديث أن للإيمان حلاوة في القلب, إذا وجدها العبد سلته عن المحبوبات الدنيوية، وعن الأعراض النفسية، وأوجبت له الحياة الطيبة, فإن من أحب الله ورسوله لهج بذكر الله طبعًا -فإن من أحب شيئًا أكثر من ذكره- واجتهد في متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقدم متابعته على كل قول، وعلى إرادة النفوس وأغراضها، من كان كذلك فنفسه مطمئنة مستحلية للطاعات، قد انشرح صدر صاحبها للإسلام، فهو على نور من ربه، وكثير من المؤمنين لا يصل إلى هذه المرتبة العالية: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ ممَّا عَمِلُوا} [الأنعام: 132].
وكذلك في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: " الإيمان بضع وسبعون شعبة؛ أعلاها قول: لا إله إلا الله؛ وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ". وهذا صريح أن الإيمان يشمل أقوال اللسان، وأعمال الجوارح، والاعتقادات والأخلاق، والقيام بحق الله، والإحسان إلى خلقه، فجمع في هذا الحديث بين أعلاه وأصله وقاعدته وهو قول: لا إله إلا الله؛ اعتقادًا وتألها، وإخلاصها لله بين أدناه، وهو إماطة العظم والشوكه وكل ما يؤذي، عن الطريق فكيف بما فوق ذلك: من الإحسان وذكر الحياء، والله أعلم: لأن الحياء به حياة الإيمان، وبه يدع العبد كل فعل قبيح كما به يتحقق كل خلق حسن، وهذه الشعب -المذكورة في هذا الحديث- هي جميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة. وهذا -أيضًا- صريح في أن الإيمان يزيد وينقص بحسب زيادة هذه الشرائع والشعب واتصاف العبد بها أو عدمه، ومن المعلوم أن الناس يتفاوتون فيها تفاوتًا كبيرًا، فمن زعم: أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فقد خالف الحس مع مخالفته لنصوص الشارع كما ترى [1]. [1] انظر: التوضيح والبيان (23).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 224