نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 223
يكتفى فيه بما في القلب فكما في القرآن من قوله: {إِنَّ الَذِينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 277] ثم يذكر خيرًا عنهم، والأعمال الصالحات من الإيمان فمن ادعى أنه مؤمن: وهو لم يعمل بما أمر الله به ورسوله من الواجبات، وترك المحرمات فليس بصادق في إيمانه وهذا من وسطية القرآن واستقامته واعتداله وحكمته في هذا الباب.
كما يقرن بين الإيمان والتقوى، في مثل قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 62 - 63] فذكر الإيمان الشامل لما في القلوب من العقائد والإرادات الطيبة، والأعمال الصالحة، ولا يتم للمؤمن ذلك حتى يتقي ما يسخط الله من الكفر والفسوق والعصيان، ولهذا حقق ذلك بقوله: {وَكَانُوا يَتَّقُونَ} كما وصف الله بذلك خيار خلقه، بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات: 7 - 8] فهذه أكبر المنن؛ أن يحبب الله الإيمان للعبد، ويزينه في قلبه، ويذيقه حلاوته، وتنقاد جوارحه للعمل بشرائع الإسلام، ويبغض الله إليه أصناف المحرمات والله عليم بمن يستحق أن يتفضل عليه بهذا الفضل، حكيم في وضعه في محله اللائق به.
كما ثبت في الصحيح من حديث أنس - رضي الله عنه - أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع عن دينه، كما يكره أن يقذف في النار " [1] فذكر أصل الإيمان الذي هو محبة الله ورسوله؛ ولا يكتفي بمطلق المحبة، بل لا بد أن تكون محبة لله مقدمة على جميع المحاب، وذكر تفريعها: بأن يحب لله، ويبغض لله فيحب الأنبياء والصديقين، والشهداء والصالحين؛ لأنهم قاموا [1] رواه مسلم، شرح النووي، كتاب الإيمان، باب الحياء، شعبة الإيمان (2/ 6).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 223