نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 187
وهذه الآية صريحة في تحديد المنهج الوسط، ذلك أنها بينت أن هذا الصراط هو صراط الذين أنعم الله عليهم. قال الطبري رحمه الله: (أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعًا على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه، وكذلك في لغة جميع العرب، فمن ذلك قول الشاعر.
أميرُ المؤمنين على صِراطٍ ... إذا اعوجَّ الموارِدُ مستقيم
قال ابن عباس رحمه الله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} يقول ألهمنا الطريق الهادي، وهو دين الله الذي لا عوج له [1] ثم قال: وكل حائد عن قصد السبيل وسالك غير المنهج القويم فضال عند العرب، لإضلاله وجه الطريق [2].
وقد بين الله لنا أن الصراط المستقيم هو منهج الوسط، حيث قال واصفًا الصراط المستقيم {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ومنهج المغضوب عليهم يمثل التفريط، بينما يمثل منهج الضالين الإفراط، فهما منهجان دائران بين الغلو والجفاء.
قال ابن كثير رحمه الله: (غير صراط المغضوب عليهم، وهم الذين فسدت إرادتهم، فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين، وهم الذين فقدوا العلم، فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق) (3)
وبهذا يتبين لنا أن هناك ثلاثة طرق طريق الذين أنعم الله عليهم، وطريق المغضوب عليهم، وطريق الضالين، والله أمرنا بالالتزام بسبيل الذين أنعم الله عليهم, لأنه هو الصراط المستقيم، وهو منهج وسط بين سبيلين منحرفين، وهما سبيلا اليهود والنصارى، وكل طريق منحرف عن منهج الصراط المستقيم فله حظ من أحد هذين السبيلين. ولأن الاستقامة تعني الوسطية كما تبينها آية الفاتحة، وكما وضحت ذلك في ملامح الوسطية جاءت الآيات متعددة تدعو إلى الاستقامة بأسأليب متعددة وألفاظ متقاربة وهي تدور بين الخبر والإنشاء. ومن هذا المنطلق، [1] انظر: تفسير الطبري (1/ 73، 74). [2] المرجع السابق (1/ 84).
(3) انظر: تفسير ابن كثير (1/ 29).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 187