نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 147
فقد كان الرجل حافظا لحروف القرآن وسوره، ولا يكون مؤمنا؛ بل يكون منافقا، فالمؤمن الذي لا يحفظ حروفه وسوره خير منه، وإن كان ذلك المنافق ينتفع به الغير كما ينتفع بالريحان، وأما الذي أوتى العلم والإيمان، فهو مؤمن حكيم عليهم، وهو أفضل من المؤمن الذي ليس مثله في العلم مع اشتراكهما في الإيمان فهذا اصل يجب معرفته [1].
والعلم النافع هو أعظم أركان الحكمة التي من أوتيها فقد أوتى خيرًا كثيرًا وهو ما كان مقرونا بالعمل، أما العلم بلا عمل، فهو حجة على صاحبه يوم القيامة، ولهذا حذر الله المؤمنين من أن يقولوا ما لا يفعلون، رحمة بهم، وفضلا منه وإحسانا فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ) [الصف: [2] - 3].
وحذرهم من كتمان العلم، وأمرهم بتبليغه للبشرية على حسب الطاقة والجهد، وعلى حسب العلم الذي أعطاهم الله -عز وجل- لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ) [البقرة: 159].
وهذه الآية وإن كانت نازلة في أهل الكتاب وما كتموه من شأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصفاته، فإن حكمها عام لكل من اتصف بكتمان ما أنزل الله من البينات الدالة على الحق، المظهرة له، والعلم الذي تحصل به الهداية إلى الصراط المستقيم، ويتبين به طريق أهل النعيم من طريق أهل الجحيم، ومن نبذ ذلك، وجمع بين المفسدتين: كتم ما أنزل الله، والغش لعباد الله، لعنه الله ولعنه جميع الخليقة؛ لسعيهم في غش الخلق وفساد دينهم، وإبعادهم عن رحمة الله، فجوزوا من جنس عملهم، كما أن معلم الناس الخير يستغفر له كل شيء حتى الحوت في الماء والطير في الهواء لسعيه في مصلحة الخلق وإصلاح دينهم؛ ولأنه قربهم من رحمة الله، فجوزي من جنس عمله [2]. [1] انظر: فتاوى ابن تيمية بتصرف، (11/ 396). [2] انظر: تفسير عبد الرحمن بن ناصر السعدي (1/ 186).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 147