ومن شروط الشهادة في الأمور التي تتعلق بأحوال الناس ومعاشهم وحياتهم العامة: الصدق، والنزاهة، والاستقامة، إلى المعرفة والإحاطة بالظروف والحيثيات والمعطيات كافة. فالعلم مع هذه السجايا الحميدة، من مقوّمات الشهادة، وهذا الشرط لا يتوافر كاملاً مستوفيَ الأركان، إلا عند المؤمن حقاً بالدين الوسط، والذي ينتمي فعلاً إلى الأمة الوسط.
ولعلنا بهذا الربط بين (وسطية الإسلام) ، وبين (خيرية الأمة الإسلامية) ، نصل إلى إدراك المفهوم العميق لهذا المبدأ السامي من مبادئ الإسلام. وهو مبدأ لم تكن تعرفه الأديان السماوية السابقة على الإسلام، وذلك مما يتطابق تطابقاً تاماً مع الدين الخاتم والرسالة الخاتمة.
ولا ينبغي أن يتبادر إلى الذهن على أي نحو من الأنحاء أن الوسطية تعني مستوى من مستويات التوفيق بين قواعد ومبادئ وقيم ومثل نزولاً على مقتضى من المقتضيات، أو أنها ضرب من (التقريب) بين ما تَبَايَنَ واختلف من التشريعات والأحكام. فهذا الفهم للوسطية يجافي حقيقتها ويتعارض مع خصوصيتها.