شكر، قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [1]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ... )) [2].
الخامس عشر: الصبر سبب حصول كل كمال، فأكمل الخلق أصبرهم؛ لأن كمال الصبر بالعزيمة والثبات، فمن لم يكن له عزيمة فهو ناقص، ومن كان له عزيمة ولكن لا ثبات له عليها فهو ناقص، فإذا انضم الثبات إلى العزيمة أثمر كل مقام شريف وحالٍ كامل، ولهذا يُرْوَى: ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد)) [3]، وشجرة الثبات والعزيمة لا تقوم إلا على ساق الصبر [4].
السادس عشر: الصبر يجعل الداعية إلى الله - عز وجل - يضبط نفسه عن أمور لابد له من الابتعاد عنها، ومنها: ضبط النفس عن الاندفاع بعوامل الضجر، والجزع، والسأم، والملل، والعجلة، والرعونة، والغضب، والطيش، والخوف، والطمع، والأهواء، والشهوات، وبالصبر يتمكن الداعية أن يضع الأشياء مواضعها، ويتصرف في الأمور بعقل واتِّزان، وينفِّذ ما يريد من تصرف في الزمن المناسب بالطريقة المناسبة الحكيمة، [1] سورة إبراهيم، الآية: 5. [2] أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب المؤمن أمره كله خير، برقم 2999. [3] الترمذي، كتاب الدعوات، باب منه، برقم 3407، 5/ 476، والنسائي، كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، برقم 1304، 3/ 54، وأحمد في المسند، 4/ 125. [4] انظر: طريق الهجرتين وباب السعادتين، لابن القيم، ص440.