responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاستعداد للموت نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 157
يواجهها في العيان. فيعلمهم بهذا أن يحسبوا حسابا لكل كلمة تطلقها ألسنتهم، ويزنوا حقيقة رصيدها الواقعي في نفوسهم، على ضوء ما واجهوه من حقيقتها حين واجهتهم! وبذلك يقدرون قيمة الكلمة، وقيمة الأمنية، وقيمة الوعد، في ضوء الواقع الثقيل! ثم يعلمهم أن ليست الكلمات الطائرة، والأماني المرفرفة هي التي تبلغهم الجنة، إنما هو تحقيق الكلمة، وتجسيم الأمنية، والجهاد الحقيقي، والصبر على المعاناة. حتى يعلم اللّه منهم ذلك كله واقعا كائنا في دنيا الناس!
ولقد كان اللّه - سبحانه - قادرا على أن يمنح النصر لنبيه ولدعوته ولدينه ولمنهجه منذ اللحظة الأولى، وبلا كد من المؤمنين ولا عناء. وكان قادرا أن ينزل الملائكة تقاتل معهم - أو بدونهم - وتدمر على المشركين، كما دمرت على عاد وثمود وقوم لوط ..
ولكن المسألة ليست هي النصر .. إنما هي تربية الجماعة المسلمة، التي تعد لتتسلم قيادة البشرية .. البشرية بكل ضعفها ونقصها وبكل شهواتها ونزواتها وبكل جاهليتها وانحرافها .. وقيادتها قيادة راشدة تقتضي استعدادا عاليا من القادة. وأول ما تقتضيه صلابة في الخلق، وثبات على الحق، وصبر على المعاناة، ومعرفة بمواطن الضعف ومواطن القوة في النفس البشرية، وخبرة بمواطن الزلل ودواعي الانحراف، ووسائل العلاج ..
ثم صبر على الرخاء كالصبر على الشدة. وصبر على الشدة بعد الرخاء. وطعمها يومئذ لاذع مرير! ..
وهذه التربية هي التي يأخذ اللّه بها الجماعة المسلمة حين يأذن بتسليمها مقاليد القيادة، ليعدها بهذه التربية للدور العظيم الهائل الشاق، الذي ينوطه بها في هذه الأرض. وقد شاء - سبحانه - أن يجعل هذا الدور من نصيب «الإنسان» الذي استخلفه في هذا الملك العريض!
وقدر اللّه في إعداد الجماعة المسلمة للقيادة يمضي في طريقه، بشتى الأسباب والوسائل، وشتى الملابسات والوقائع .. يمضي أحيانا عن طريق النصر الحاسم للجماعة المسلمة، فتستبشر، وترتفع ثقتها بنفسها - في ظل العون الإلهي - وتجرب لذة النصر، وتصبر على نشوته، وتجرب مقدرتها على مغالبة البطر والزهو والخيلاء، وعلى التزام التواضع

نام کتاب : الاستعداد للموت نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست