نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 359
علي الطنطاوي ممثّل أو موسيقي! وتصورت ماذا تكون خاتمة هذه القصة التي بدأت بهذا «الوصل» لو هي اكتملت فصولاً. إلى أين كان يصل بي هذا الطريق الذي وضعت رجلي في أوله يوم صرت عضواً في نادي التمثيل والموسيقى لو أني تابعت السير فيه؟ كنت أبدأ فأمثّل في المدرسة، ثم أشارك في رواية على المسرح، ثم أدخل فرقة من الفرق، ثم يُسجّل اسمي في القائمة التي تبدأ بجورج أبيض لتنتهي بإسماعيل ياسين، فيكون علي الطنطاوي اليوم ممثّلاً عجوزاً متقاعداً، يعاشر النساء ويشهد الرقص، ويسهر الليل وينام النهار، ويعود بلا صحّة ولا مال ولا دنيا ولا آخرة. ولم يكُن يحول بيني وبين هذه النهاية شيء، فالاستعداد له في نفسي كبير والرغبة فيه قوية، ولكن الله صرفني عنه.
أصبحت يوماً فإذا خاطر قويّ لم أملك له دفعاً يدفعني لترك دار العلوم ونادي التمثيل فيها، والعودة إلى دمشق. وكان هذا الخاطر هو الموجة التي حوّلَت زورقي إلى ما هو خير لي، فاللهُمّ لك الحمد.
* * *
عُدت إلى دمشق فإذا موعد القبول في الجامعة قد مضى، وكان في نفسي طاقة هائلة إذا لم تصادف عملاً تذهب فيه تذهب بي أنا، وكنت مكلَّفاً بنفسي وبأمي وإخوتي، فإذا لم أجد كسباً حلالاً ضعت وأضعتهم. فلا بدّ لي إذن من عمل أوجّه إليه طاقتي ومورد أنفق منه على أهلي. ومن أين المورد؟ هل أعود إلى التجارة التي جرّبتها فما أطقتُها ولا صدّقت أني نجوت منها؟ هل أقبل وظيفة
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 359