responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي    جلد : 1  صفحه : 243
وحين أتصور أني كنت محاسباً أذكر قصة بكري مصطفى، وهو رجل تركي ماجن (حشّاش)، احتال مرة حتّى جعلوه إماماً في مسجد، فجاؤوا بجنازة ليصلّوا عليها، فانحنى على الميت واقترب من أذنه كأنه يُوَشوشه، فسُئل: ماذا قلت له؟ قال: قلت له: إذا سألوك عن أحوال الدنيا فلا تُطِل الكلام، يكفي أن تقول: بكري مصطفى إمام.
* * *
واختار لي السيد كامل بكر (رحمه الله) بعد أن أكملت التعليم تاجراً أضبط له حساباته، وكان تاجر أدوات كهربائية قبيل باب الجابية وأمام جامع السباهية، وكان في الجامع مدرسة أولية معلّمها الأستاذ أحمد الكزبري من شيوخ المعلّمين في الشام. وكان عملي ساعة في الصباح، إذ يأتي العمّال فيأخذون أسلاك الكهرباء والقطع والأدوات التي يحتاجون إليها في يومهم، ثم تخلو الدكان إلا من طالب مصباح أو زرّ أو شيء ممّا في الدكّان، فأبيعه ما يطلب وأضع الثمن في الدرج وأبقى منفرداً بلا عمل. ومَن سكنت جوارحه تحرّك ذهنه، فما ظنكم بشابّ نشأ في طلب العلم واستعدّ ليكون من أهل العلم، تنأى به الحياة عن غرف المدرّسين في المدرسة وحلقات المشايخ في المسجد ورفوف الكتب في المكتبة، وتحبسه في دكان بياع أدوات كهربائية!
كنت حين أسمع الأولاد يقرؤون جماعة أحسّ بقلبي قد تقطّع بين ماضٍ صار مجرد ذكرى ومستقبل لم يبقَ إليه سبيل. أهذه هي النهاية؟ بيّاعٌ كاتب في دكّان كهربائي؟ ألهذا سهرت الليالي وقرأت الكتب وحصلت العلم؟

نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي    جلد : 1  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست